نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 298
* قالوا: إنه توجه إلى الكوفة، فباض وفرخ، وحرضه على معاوية, ولا بد أنه مكث زمنا في الشام ليتعرف على أحوال الرجال، ويضع خططه ليبث دعوته فيهم، ولنفرض جدلاً أنه عرف أمره في الشام في أواخر سنة 33هـ، فماذا تقول أيها القارئ إذا عرفت أن الروايات الصحيحة تقول: إن أبا ذر كانت مناظرته لمعاوية سنة 30هـ، وأنه رجع إلى المدينة وتوفي بالربذة سنة 31هـ، أو سنة 32هـ، ومعنى هذا أن ابن سبأ ظهر في البصرة في وقت كان فيه أبو ذر ميتا، فكيف وأين التقاه؟ [1].
إن أبا ذر - رضي الله عنه - لم يتأثر لا من قريب ولا من بعيد بآراء عبد الله بن سبأ اليهودي، وقد أقام بالربذة حتى توفى، ولم يحضر شيئا مما وقع في الفتن [2]، ثم هو قد روى حديثا من أحاديث النهي عن الدخول في الفتنة [3].
ثالثًا: وفاة أبي ذر - رضي الله عنه - وضم عثمان عياله إلى عياله:
في غزوة تبوك قيل لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قد تخلف أبو ذر وأبطأ به بعيره، فقال:
«دعوه فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه» [4]. وتلوم أبو ذر على بعيره، فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فحمله على ظهره، ثم خرج يتبع أثر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ماشيا، ونزل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بعض منازله، فنظر ناظر من المسلمين فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كن أبا ذر» [5] , فلما تأمله القوم قالوا: يا رسول الله، هو والله أبو ذر، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويُبعث وحده» [6]. ومضى الزمان وجاء عهد عثمان وأقام أبو ذر في الربذة، فلما حضرته الوفاة أوصى امرأته وغلامه: إذا مت فاغسلاني وكفناني ثم احملاني فضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمرون بكم فقولوا: هذا أبو ذر. فلما مات فعلوا به كذلك، فطلع ركب فما علموا به حتى كادت ركائبهم تطأ سريره، فإذا ابن مسعود في رهط من أهل الكوفة، [1] المدينة المنورة، فجر الإسلام (2/ 225). [2] أحداث الفتنة الأولى بين الصحابة في ضوء قواعد الجرح والتعديل، د. عبد العزيز دخان، ص174. [3] أحداث الفتنة الأولى بين الصحابة في ضوء قواعد الجرح والتعديل، د. عبد العزيز دخان، ص174. [4] تلوم على بعيره: تمهل. [5] كن أبا ذر: لفظه لفظ الأمر ومعناه الدعاء، أرجو الله أن تكون أبا ذر. [6] السيرة النبوية، لابن هشام (4/ 178).
نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 298