نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 280
أنها ملفقة لأنها تجمع في الرجل النقيضين؛ الكرم والبخل، والبر والتوحش، والفهم والجهل، والجهاد والنكوص، وهذا لا يعقل اجتماعه في رجل سوى [1]. يزعم الرواة بلا إسناد أنه عندما ولي سعيد الكوفة بعد الوليد كان بعض الموالي يقول رجزا:
يا ويلنا قد عُزِل الوليد
وجاءنا مجوِّعًا سعيد
ينقص في الصاع ولا يزيد [2].
وهذا رجز مصنوع، وقصة موضوعة بلا شك [3]؛ لأن الموالي في سنة 30 هـ - أي العبيد من أسرى الحروب- لم يكونوا يحسنون العربية بله قول الشعر، ولأن سعيد بن العاص المشهور بالكرم والبر لا يمكن أن يوصف بأنه (مجوِّع)، وإذا مدح الناس والشعراء الوليد لكرمه فإن سعيدا ضرب المثل بكرمه [4]، فكان يقال له: عكة العسل، وقال فيه الفرزدق
يذكر كرمه:
ترى الغُرَّ الجحاجح من قريش ... إذا ما الأمر في الحدثان عالا
قياما ينظرون إلى سعيد ... كأنهم يرون به هلالا (5)
وإذا قال الموالي هذا الرجز في أول مجيء سعيد إلى الكوفة, فكيف عرف الموالي سياسة سعيد، وهل جاء مجوعا أم جاء مشبعا، والغريب أن الرواة يسوقون هذا الخبر في سياق ينقض بعضه بعضا؛ حيث يقولون: فولى عثمان سعيد بن العاص الكوفة فسار فيهم سيرة عادلة، فكان بعض الموالي يقول ... الرجز [6]! فكيف تكون السيرة عادلة، ويوصف بأنه جوع الموالي؟! فقد كان الخير كثيرا يسع الجميع، ويفيض, والسيرة العادلة تجعل [1] المدينة المنورة فجر الإسلام (2/ 212). [2] تاريخ الطبري (5/ 279). [3] المدينة المنورة فجر الإسلام (2/ 212). [4] المدينة المنورة فجر الإسلام (2/ 212).
(5) البداية والنهاية (8/ 88). [6] تاريخ الطبري (5/ 279).
نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 280