نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 203
وإثارة الرعب فيهم الشيء الكثير؛ حيث سيتوقع الكفار أن المسلمين الذين سيقاتلونهم كلهم من هذا النوع الجريء الفتاك؛ إذ أنه يكفي المغامر شجاعة أن يقذف بنفسه في وسط المعركة الملتهبة، إنه لا يقدم على هذه الوثبة العالية إلا العظماء الذين يتصورون الجنة من وراء تلك الوثبة ويشتاقون للعيش فيها. ولقد كان ابن الزبير وثب تلك الوثبة متجردا من علائق الدنيا وأثقالها المثبطة، طامحا إلى ما أعده الله تعالى للمجاهدين في سبيله على قدر طاقتهم، سواء انتصروا على أعدائهم أو نالوا الشهادة [1].
وقد جاء في هذا الخبر أن البربر بعدما قتل ملكهم فروا من جيش المسلمين كفرار القَطَا، وأن المسلمين تبعوهم يقتلون ويأسرون منهم من غير مقاومة، وإن هذا الخبر دليل على أن الله تعالى مع أوليائه المؤمنين، وأنه يقيض لهم إذا صدقوا ما يخلصهم من الشدائد وينقذهم من المآزق، فإن المسلمين قد وقعوا في معضلة كبرى؛ حيث أحاط بهم أعداؤهم الذين يفوقونهم ست مرات في العدد أو أكثر، وكان على المسلمين أن يقاتلوهم من كل جانب، وهو أمر عسير على جيش صغير بالنسبة لكثرة عدوه، كما جاء في قول الراوي: فوقف المسلمون في موقف لم ير أشنع منه ولا أخوف عليهم منه، فقيض الله لهم هذا البطل المغوار الذي أقدم على مغامرة نادرة المثال، فأنقذ الله به ذلك الجيش الإسلامي من عسرة كان يعاني منها [2].
ولا ننسى موقف الأبطال الذين كانوا مع عبد الله بن الزبير يحمون ظهره، فإنهم قد شاركوه في تلك المخاطرة، ولئن لم يذكر التاريخ أسماءهم فإن عملهم الفدائي قد بقي مخلدا في الدنيا برفع ذكر هذه الأمة حينما تفاخر بأبطالها، وفي الآخرة بما ينتظرون من وعد الله للمجاهدين الصادقين [3].
هذا وقد قدَّم المسلمون الغالي والرخيص في فتوحات إفريقية، واستشهد منهم الكثير، وممن توفى منم غازيا بإفريقية في خلافة عثمان أبو ذؤيب الهذلي وكان شاعرا مشهورا، وهو الذي قال:
وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمة لا تنفع [1] التاريخ الإسلامي (12/ 390). [2] التاريخ الإسلامي، (12/ 392). [3] التاريخ الإسلامي، (12/ 392).
نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 203