نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 159
ما لك ولها، معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها [1].
وقد رأى الأستاذ الحجوي أن هذا الاجتهاد من عثمان بن عفان - رضي الله عنه - مبني على المصلحة المرسلة؛ أنه رأى الناس مدوا أيديهم إلى ضوال الإبل، فجعل راعيا يجمعها، ثم تباع قياما بالمصلحة العامة [2]. غير أن الأستاذ عبد السلام السليماني، رد على هذا القول بقوله: غير أنه من الصعب التسليم بمقالة الأستاذ الحجوي على إطلاقها؛ لأن المصلحة المرسلة هي التي لم ينص الشارع لا على اعتبارها ولا على إلغائها، في حين أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد نص على حكم ضوال الإبل في الحديث المذكور أعلاه، فهي إذن مصلحة معتبرة نص عليها النبي بنفسه، فلا يصح أن يقال إن ما فعله عثمان من بيع ضوال الإبل يعد مصلحة مرسلة، فالمصلحة المرسلة لا تكون في مقابلة النص.
والذي يظهر لنا أن اجتهاد عثمان في هذه القضية بني على المصلحة العامة فعلا لكنها ليست مصلحة مرسلة، وأن هذه القضية من القضايا القابلة للاجتهاد، والتي يمكن أن يتغير حكمها بتغير الأزمنة والأحوال, وبالنظر إلى ما يحقق مصلحة أصحاب ضوال الإبل؛ لأن علة الحكم فيها على ما يظهر، هي المحافظة على هذه الإبل إما بأعيانها أو في شكل ثمنها وكلا الأمرين مصلحة، ولا شك أن سيدنا عثمان بصنيعه هذا كان هدفه تحقق المصلحة العامة؛ لأنه رأى أن ترك الإبل على حالها -كما كان الأمر في عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإلى زمن عمر- يعرضها للضياع، بعد أن تغيرت أخلاق الناس، وأصبحوا يمدون أيديهم لضوال الإبل، فرأى أن يقطع الطريق عليهم بما فعل، وهو اجتهاد سليم وحكم سديد بلا ريب [3]. 24 - توريث المرأة المطلقة في مرض الموت:
طلق عبد الرحمن بن عوف زوجته وهو مريض فورَّثها عثمان منه بعد انقضاء مدة عدتها، وقد روى أن شريحا كتب إلى عمر بن الخطاب في رجل طلق امرأته ثلاثا وهو مريض, فأجاب عمر: أن ورِّثها ما دامت في عدتها، فإن انقضت عدتها فلا ميراث لها. فبعد أن اتفقا على أن طلاق المريض مرض الموت لا يزيل الزوجية كسبب موجب [1] البخاري، كتاب اللقطة رقم (2427، 2428، 2429). [2] الفكر السامي (1/ 245). [3] الاجتهاد في الفقه الإسلامي، ص143، 144.
نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 159