نام کتاب : خلافة أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 129
أحسن. فدنا ابن الزبير فقبل رأسها وقال: هذا -والله- رأيي, والذي قمت به داعيًا إلى يومي هذا ما ركنت إلى الدنيا, ولا أحببت الحياة فيها, وما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله أن تستحل حرمه, ولكني أحببت أن أعلم رأيك, فزدتني بصيرة مع بصيرتي, فانظري يا أمه فإني مقتول من يومي هذا, فلا يشتد حزنك وسلمي الأمر لله, فإن ابنك لم يتعمد منكرًا, ولا عملاً بفاحشة, ولم يجر في حكم الله, ولم يغدر في أمان, ولم يتعمد ظلم مسلم ولا معاهد, ولم يبلغني ظلم عن عمالي فرضيت به بل أنكرته, ولم يكن شيء آثر عندي من رضا ربي, اللهم إني لا أقول هذا تزكية مني لنفسي, أنت أعلم بي, ولكن أقوله تعزية لأمي لتسلو عني, فقالت أمه: إني لأرجو من الله أن يكون عزائي فيك حسنًا إن تقدمتني, وإن تقدمتك ففي نفسي, اخرج حتى أنظر إلى ما يصير أمرك.
قال: جزاك الله يا أمه خيرًا, فلا تدعي الدعاء لي قبل وبعد. فقالت: لا أدعه أبدًا, فمن قتل على باطل فقد قتلت على حق, ثم قالت: اللهم ارحم طول ذلك القيام في الليل الطويل, وذلك النحيب والظمأ في هواجر المدينة ومكة, وبره بأبيه وبي, اللهم قد سلمته لأمرك فيه, ورضيت بما قضيت فأثبني في عبد الله ثواب الصابرين الشاكرين [1] , فتناول يديها ليقبلها فقالت: هذا وداع فلا تبعد. فقال لها: جئت مودعًا لأني أرى هذا آخر أيامي من الدنيا, قالت: امض على بصيرتك وادن مني حتى أودّعك. فدنا منها فعانقها وقبلها فوقعت يدها على الدرع, فقالت: ما هذا صنيع من يريد ما تريد. فقال: ما لبسته إلا لأشد منك. قالت: فإنه لا يشد مني, فنزعها ثم أدرج كميه, وشد أسفل قميصه, وجبة خز تحت القميص, فأدخل أسفلها في المنطقة, وأمه تقول: البس ثيابك مشمرة, ثم [1] تاريخ الطبري (7/ 76).
نام کتاب : خلافة أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 129