نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 582
المقدس وأنطاكية، واتجه به صوب حلب وضيق على من بها من المسلمين، ولم يكتف بهذا، بل أقدم على نبش قبور ألموتى من المسلمين في البلاد المحيطة بها, وظل محاصراً لها حتى شهر رمضان من السنة نفسها 517هـ/1123م, ولما لم يستطع النيل منها عاد إلى تل باشر، على أن حلب لم تسلم من حصار الصليبيين بعد عودة جوسلين إلى تل باشر، بل تعرضت لحصار آخر من صليبيي أنطاكية، أدى إلى قطع الصلة بينهما وبين غيرها من البلاد الإسلامية في الشام، تلك البلاد التي كانت تزودها بالمؤن [1].
وجد بلك بن بهرام بن أرتق أنه لابد من الاستعانة بآق سنقر البرسقي صاحب الموصل وبظهير الدين طغتكين صاحب دمشق لرفع الظلم عن أهل حلب ولإنزال ضربة بالصليبيين يستطيع بعدها بلك بن بهرام العودة إلى حلب وإقرار الأوضاع بها، فوصل إليه سنة 517هـ/1123م كل من صاحب الموصل آق سنقر البرسقي وصاحب دمشق طغتكين على رأس قوتهما فعبر بهم الفرات ونزلوا على عزاز، ولكن الصليبيين الذين كانوا قد تجمعوا بها تمكنوا من طرد المسلمين، فعاد كل منهم إلى بلده، ودخل بلك بن بهرام حلب في سنة 518هـ/1124م وتخلص من بعض المناوئين له وقضى على فوضى قطاع الطرق، وتزوج بإحدى بنات رضوان بن تتش لتوثيق صلته بالسلاجقة، واتخذ من حلب عاصمة له من بلاد الشام، وقاعدة انطلاق لتوجيه الضربات ضد الصليبيين, ولم يكتف بهذا بل نقل إليها أسراه من حران واعتقلهم في قلعة حلب, ويبدو أن ما قام به بلك بن بهرام من نقل أسراه إلى حلب إنما كان بقصد الاطمئنان عليهم من أية محاولة لإنقاذهم أثناء بعده عنهم، والدليل على ذلك أنه حين جهز فرقة عسكرية في صفر من سنة 518هـ /1124م لقتال الصليبيين بعزاز، لم يخرج معهم خوفاً من أن يغدر به بعض سكان حلب المعارضين له ويطلقوا سراح أسراه [2].
- مقتل بلك بن بهرام: لم يمهل الأجل بلك بن بهرام, وبينما كان يحاصر الفرنجة عند قلعة منبج وافته المنية بسهم طائش أصابه فقتله لا يدري من رماه، واضطرب عسكره، وتفرقوا, وبمقتله فقد المسلمون فيه رجلاً أثبتت أعماله أنه زعيم وقائد حاول جمع كلمة المسلمين في الشام والجزيرة ضد الصليبيين, ويمكن القول إنه بمقتل بلك بن بهرام سنة 518هـ/1124م انتهت مرحلة قيادة الأراتقة لحركة الجهاد الإسلامي ضد الصليبيين، على الرغم من أن حسام الدين تمرتاش بن إيلغازي قد استطاع الاستيلاء على حلب عقب مقتل بلك بن بهرام إلا أن حلب لم تتمتع في أيامه بأوضاع مستقرة، بل فسدت أحوالها وضعف [1] الجهاد ضد الصليبيين في الشرق الإسلامي، ص 161. [2] زبدة الحلب (2/ 216 - 217) , الجهاد ضد الصليبيين، ص 164
نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 582