نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 543
تدفع عنهن من الشرور المقتحمة؟ وغاية ما يهدد به هذا الشاعر المتألم بني قومه أن يخلي بين النساء وسائر المحرمات وبين الأعداء إذا هم ظلوا متخاذلين عن المشاركة في الجهاد لدفع عدوان أعداء الله [1]. ومما يدلل على عمق تأثير هذا الشعور في النفس المسلمة أن شاعر القصيدة البائية عدد أصناف الشقاء التي حاقت بالمسلمين، إثر الغزو الصليبي، بألم، حتى إذا ما وصل إلى صورة سبي النساء المسلمات صرخ بأعلى صوته، ومن أعماق إحساسه، بسؤال يهز أعماق السامعين أتسبي المسلمات بكل ثغر؟! وذلك مقابل مالا يليق لدى الطرف الثاني من اهتمام المسلمين «وعيش المسلمين إذن يطيب؟» ويتبع هذه الأسئلة سؤال آخر يضرب في أعماق هذه المشاعر كلها، وهو ما ذكرنا من شعور ديني متألم «أما لله والإسلام حق». فالله، سبحانه، لا يرضى أن تسبي المسلمات وهو القائل: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39]. وهو القائل: {وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8]. هل في هذا الإلحاح على الألم الشديد مما حاق بنساء المسلمين إثر هذه الحروب، بقايا من الإحساس القبلي بعار العشيرة، إذا أضيمت نساؤها؟ لو سلمنا بوجوده فإننا نلمح في
الوقت نفسه، أن الإسلام طالب بالدفاع عن الحمى والحرمات، والنساء أولى هذه المحميات في الإسلام [2].
الشعور النفسي: وإذا كان الشعور الاجتماعي يتسع أفقه لحمل هموم المجتمع الإسلامي بجميع أفراده بأن الفرد المسلم، على النطاق الفردي، قد أخذ يحسُّ بمجموعة من الأحاسيس الطاحنة تحت وطأة هذا الغزو الغاشم من جهة، وتخلف الكثيرين من أبناء الإسلام من جهة أخرى, وأول مشاعر الفرد في هذا الجو، هو الحزن الشديد الذي لف نفوس جميع الأفراد لفاً، فأول ما نطقت به كلمات الأبيوردي هو البكاء الذي لم يذرف الدموع، فحَسب ولكنه استنزال الدم من العيون بعد أن جفت الدموع!! وسرعان ما يزداد هذا الحزن حينما يفتح الشاعر عينيه على الحقيقة المرة: ما نفع الدموع في معركة لا تتكلم فيها إلا السيوف المواضي؟ وهنا تحدق الشرور بنفسية هذا الشاعر، ومن هذا الإحساس العاصف ينبت استنجاد الشاعر بأهله من المسلمين، للنهوض والرد على هذا الخطر المحدق «فإيها بني الإسلام» وما نفع الفرد، حينما تحيط به الأخطار، إن لم يكن له أهل يمنعونه؟ ونخرج بمثل هذا الحزن العاصف حينما نقرأ القصيدة البائية ونحس بخفقان قلب صاحبها المضطرب، لكثرة ما رأى وأحس وعاش من الأخطار التي تهددت وجوده ووجود أهله, فحقوقهم ضائعة ودماؤهم سائلة، ورجالهم كنسائهم في السبى والنهب، وبلادهم مباحة، [1] نصوص من أدب عصر الحروب الصَّليبية، ص 33. [2] نصوص من أدب عصر الحروب الصَّليبية، ص 33.
نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 543