نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 404
والعبادة، متابعة الشرع في الأوامر والنواهي، بالقول والفعل. يعني: كل ما تقول وتفعل، وتترك قوله وفعله، يكون باقتداء الشرع وقال: أيها الولد, ينبغي لك أن يكون قولك وفعلك موافقاً للشرع، إذ العلم والعمل بلا اقتداء بالشرع ضلالة [1]، ويقول في «ميزان العمل»: اعلم أن سالك سبيل الله تعالى قليل، والمدعي فيه كثير، ونحن نعرفك علامتين له، العلامة الأولى: أن تكون جميع أفعاله الاختيارية موزونة بميزان الشرع، موقوفة على حد توقيفاته، وإيراداً وإصداراً، وإقداماً وإحجاماً، إذ لا يمكن سلوك هذا السبيل إلا بعد التلبس بمكارم الشريعة كلها [2].
أ- الالتزام بمنهج السلف: ويؤكد الغزالي على الحرص على معرفة سيرة الصحابة والتزام نهجهم: فتقليد الصحابة رضي الله عنهم إنما كان من حيث إن فعلهم يدل على سماعهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [3]. فالمقلد لهم إنما هو - في الحقيقة - متبع للرسول - صلى الله عليه وسلم -. وبهذا كان للصحابة ميزة على غيرهم من الناس، فالغزالي ينصح من أراد التقليد أن يلتزم بهم فيقول: وإن قنعت بالتقليد والنظر إلى ما اشتهر من درجات الفضل بين الناس، فلا تغفل عن الصحابة وعلو منصبهم، فقد أجمع على تقدمهم، وأنهم لا يدرك في الدين شأوهم ولايشق غبارهم [4]، ولذا ينبغي أن يكون الصحابة هم المقياس الذي يقاس بهم العلماء، فمن كان أشبه بهم فهو الأقرب إلى منهج الحق وطريق السلف, واعلم تحقيقاً أن أعلم أهل الزمان وأقربهم للحق، أشبههم بالصحابة، وأعرفهم بطريق السلف، فمنهم أخذ الدين [5] .. وبعد أن عرَّف بالعلم المحمود والعلم المذموم يقول: وإليك الخيرة في أن تنظر لنفسك فتقتدي بالسلف، أو تتدلى بحبل الغرور وتتشبه بالخلف، فكل ما ارتضاه السلف من العلوم قد اندرس وما أكب الناس عليه فأكثره مبتدع ومحدث [6]. وإذا كان الأمر كذلك فينبغي عدم الاغترار بما أحدث ولو أجمع عليه الناس، وينبغي البحث عما كان عليه الصحابة. وتلك صفة من صفات علماء الآخرة, ومنها أن يكون شديد التوقي من محدثات الأمور، وإن اتفق عليها الجمهور، فلا يغرَّنه إطباق الخلق على ما أحدث بعد الصحابة رضي الله عنهم. وليكن حريصاً على التفتيش على أحوال الصحابة وسيرتهم وأعمالهم [7]. ويؤكد الغزالي على هذا الأمر، لما يترتب عليه من انحراف في الأمة، وتطابق أكثر الناس على أمر لا يعني صوابه، [1] الإمام الغزالي للشامي، ص 206. [2] الغزالي للشرباصي، ص 164. [3] إحياء علوم الدين (1/ 78). [4] المصدر نفسه (1/ 23). [5] المصدر نفسه (1/ 23). [6] المصدر نفسه (1/ 38). [7] المصدر نفسه (1/ 79).
نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 404