نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 581
الجيوش الألمانية في التجمع عند مدينة راتسبون استعداداً للمسير إلى بلاد الشام وكان ذلك الجيش بالرغم من كثرته العددية يتمتع بنظام عسكري دقيق، فكان من يجري منه جناية ليس له جزاء إلا أن يذبح "مثل الشاة " [1]، وسار ذلك الجيش يتقدمه الإمبراطور فردريك بربروسا وبصحبته أحد أبنائه سالكاً الطريق البري بإتجاه القسطنطينية، حتى واجه عداء شديداً من الإمبراطور البيزنطي إسحاق الثاني انجليوس الذي بعث إلى حليفه صلاح الدين يخبره بمسيرة الألمان ويعد بأن لا يمكنهم من عبور بلاده، إلا أن المصادر تذكر أن الإمبراطور البيزنطي لم يستطع منعهم من العبور، ولكنه لم يسعفهم بشيء من المؤن والعتاد، فقلت عليهم الأقوات، وعبروا خليج القسطنطينية "البسفور" وقد اشتدت ضائقتهم وحل بهم كرب شديد [2] ولما عبروا إلى آسيا الصغرى تعرضوا لمتاعب كثيرة بسبب جهلهم بتلك الأماكن لذا سلكوا الأودية على غير هدي، فكانوا يقطعون الفرسخ الواحد في يومين، فوقعوا فريسة للخطف من جانب التركمان سكان المناطق، كما كان لدخول الشتاء أثره البالغ على سيرهم، حيث تراكمت الثلوج، فاحتاجوا إلى أكل الدواب وأحرقوا عددهم لنقص الحطب عندهم، كما عدموا العلف فأنهكوا وأنهكت دوابهم حتى عجزوا عن حمل عددهم، فاضطروا إلى دفن ما عجزوا عن حمله ([3])،
ولما قاربوا الوصول إلى سلطنة سلاجقة الروم التي كان على رأسها السلطان قليج أرسلان بن مسعود السلجوقي، نهض إليهم ابنه قطب الدين ملكشاه، واشتبك معهم في معركة كبيرة هزموه فيها، فتراجع إلى الوراء إلى مدينة قونية عاصمة السلطنة، فتعقبه الألمان، ودخلوا المدينة وأحرقوا أسواقها، ثم أرسلوا إلى والده أرسلان يقولون له: إنا لم نصل لأخذ بلادك، وإنما نزلنا لنثأر لبيت المقدس [4]، وبعثوا إليه الهدايا وطلبوا منه الهدنة فهادنهم، فبعث هو وإبنه إلى صلاح الدين يعتذران من تمكين الألمان في بلدهما ويخبرانه بأنهما غلبوا على ذلك. ومكث الجيش الألماني مدة من الزمن في بلاد قليج وتقووا خلالها بما أرادوا من العدد والأزواد ثم واصلوا سيرهم [5]، وأشار ابن شداد وأبو شامة إلى روابط الصداقة بين السلطان قليح أرسلان والإمبراطور فردريك بربروسا، وأن قليح عندما أرسل إلى صلاح الدين يعتذر عن عبور ملك الألمان في بلاده، إنما قصد بذلك التظاهر أمام صلاح الدين بالشقاق لملك الألمان، وهو في الباطن يضمر له الوفاق وأنه أنفذ معه الأدلاء [1] النوادر السلطانية ص 126 صلاح الدين والصليبيون ص 240. [2] الكامل في التاريخ نقلاً عن صلاح الدين والصليبيون ص 241. [3] مفرج الكروب (2/ 318) صلاح الدين والصليبيون ص 241 .. [4] صلاح الدين والصليبيون ص 242. [5] المصدر نفسه ص 242.
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 581