responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 245
ساعته، ومضى على ذلك ليالٍ، فسأل السُّلطان عنه، فأخبرته بفعله، فظهر عليه آثار التعتّب، كيف لم أخبره برواحه، وقال: وكيف يطرقنا مثل هذا الرّجل وينصرف عنا من غير إحسان يمُّسه منا؟ وشدد النكير علي في ذلك، فما وجدت بُدَّاً من أن أكتب كتاباً إلى محي الدين - قاضي دمشق - كلفته فيه السؤال عن حال الرّجل، وإيصال رقعة كتبتها إليه طيّ كتابي، وأخبرته فيها بإنكار السُّلطان رَوَاحه من غير اجتماعه به وحسنَّتُ له فيها العود وكان بيني وبينه صداقة تقتضي مثل ذلك، فما أحسست به إلا وقد عاد إليّ، فكتبت رقعة وأعلمته بذلك، فكتب إلي يقول: تحضره معك ففعلت ذلك، فرحب به وانبسط معه واستوحش له، وأمسكه أياماً، ثم خلع عليه خلعة حسنة، وأعطاه مركوباً لائقاً وثياباً كثيرة، يحملها إلى أهل بيته وأتباعه وجيرانه، ونفقة يرتفق بها، وانصرف عنه وهو أشكر الناس وأخلصهم دعاء لأيامه [1] قال ابن شداد: ولقد رأيته وقد مثل بين يديه أسير إفرنجي وقد هابه، بحيث ظهرت عليه أمارات الخوف والجزع، فقال له الترجمان: من أي شيء تخاف؟ فأجرى الله على لسانه أن قال: كنت أخاف قبل أن أرى هذا الوجه، فبعد رؤيتي له وحضوري بين يديه، أيقنت أني ما أرى إلا الخير، فرق له، ومَّن عليه، وأطلقه [2]. ولقد كنت راكباً في خدمته في بعض الأيام قبالة الإفرنج وقد وصل بعض اليَزكيَّة [3]، ومعه امرأة شديدة التحرُّق، كثيرة البُكاء، متواترة الدَّقَّ على صدرها، فقال اليَزَكي: إنّ هذه خرجت من عند الفرنج، وسألت الحضور بين يديك، وقد أتينا بها فأمر الترجمان أن يسألها عن قضّيتها، فقالت: إن اللُّصوص المسلمين دخلوا البارحة إلى خيمتي، وسقوا ابنتي، وبتُّ البارحة أستغيث إلى بكرة النهار، فقيل لي: الملك هو رحيم.
ونحن نخُرجك إليه تطلبين ابنتك، فأخرجوني، وما أعرف ابنتي إلا منك فّرقَّ لها، ودمعت عينه وحركته مروءته وأمر من ذهب إلى سُوق العسكر، يسأن عن الصغيرة: من اشتراها ويدفع له ثمنها ويحضرها وكان قد عرف قضيتها من بكرة يومه، فما مضت ساعة حتى وصل الفارس والصغيرة على كتفه، فما كان إلا أن وقع نظرها عليهما، فخَّرت إلى الأرض تمَّرر وجهها في التراب، والناس يبكون على ما نالها، وترفع طرفها إلى السماء، ولا نعلم ما تقول: فُسلَّمت ابنتها إليها وحملت حتى أعيدت إلى عسكرهم [4].
ولقد دخل عليه البْرَنْس أرناط - صاحب الكَركَ مع ملك الإفرنج بالسّاحل لما أسرهما في وقعة حطين في شهور سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، والواقعة مشهوره تجيء مشروحة

[1] سيرة الناصر صلاح الدين ص 91.
[2] المصدر نفسه ص 91.
[3] طلائع الجيش.
[4] سيرة الناصر صلاح الدين ص 92.
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 245
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست