نام کتاب : عصر الدولة الزنكية نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 491
ذروتها في حارم، ومع ذلك لم تسفر عن تغير حاسم، وكأن الأحداث اثبتت أن جبهة شمال الشام منغلقة أمام أية توسعات نورية حاسمة مستقبلية طالما أن الأمبراطورية البيزنطية تقف حائلاً دون ذلك، ويلاحظ أن الأخيرة كانت حريصة على إضعاف الصليبيين وتفوقها هي عليهم غير أنها في نفس الوقت لم تكن لتقبل بانتصار حاسم لنور الدين بل أرادت أن يكون الجميع في موقف ضعف حتى يحتاجوا إليها [1].
3 - إمارة طرابلس: عاصر نور الدين محمود اثنان من أمراء طرابلس، ريموند الثاني 532هـ-447هـ/1137 - 1151 - 1152م وريموند الثالث 547 - 583هـ/1187م في وقت اتسمت الدولة النورية تجاه إمارة طرابلس بصراع عنيف لإسقاط حصونها وقلاعها واحتلت تلك الإمارة الصليبية أهمية متميزة لديها نظراً لتصريف التجارة الشامية عبر موانيها إلى عالم البحر المتوسط، ودخلت إمارة طرابلس في صراع مصالح مع الشيعة الإسماعيلية بسبب وقوع قلاع الدعوة الشيعية الإسماعيلية في مناطق إمارة طرابلس، وحيث أن الاغتيال كان سلاح الشيعة الإسماعيلية الرهيب الذي أشهرته في وجوه خصومها، فإن أمير طرابلس ريموند الثاني لم يسلم منه فقد تَّم اغتياله [2].
أ- حصن أنطرسوس: ورد الخبر في المحرَّم من عام سبع وأربعين وخمس مئة بنزول نور الدين على حِصن أنطرسوس في عسكره وافتتاحه وقتل من كان فيه من الإفرنج، وطلب الباقون الأمان على النفوس فأجيبوا إلى ذلك، ورتب فيه الحفظة وعاد عنه وملك عِدَّة من الحصون بالسَّبْي والسيَّف والإخراب والإحراق والأمان [3] وقال ابن المنير قصيد يمدح نور الدين ويهنَّنئه بفتح أنطرْسوس وغيرها فقال:
أبداً تباشُر وجه غزوك ضاحكاً ... وتؤوب منه مؤيداً منصوراً
تُدْني لك الأمل البعيد سَواهُِم ... مُحِقت أهِلَّتُها وكن بُدُورا
ضحكت لك الأيام واكتأب العِدَى ... قلقاً فجئت مبشراً ونذيراً
لا مُلك إلا ملك محمود الذي ... تَخِذَ الكِتابَ مظاهراً ووزيراً
تمشي وراء حُدُودِه أحكامه ... تأتُّمهنَّ فَيُحكمُ التّقديرا [1] فن الصراع الإسلامي الصليبي ص 177. [2] المصدر نفسه ص 179. [3] كتاب الروضتين (1/ 280).
نام کتاب : عصر الدولة الزنكية نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 491