نام کتاب : عصر الدولة الزنكية نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 317
9 - الإنفاق على الحصون والخانات و"المجال العمراني": كان نور الدين محباً للبناء والعمران ولكن ليس لبناء القصور وأماكن اللهو والنزف، فقد كان أبعد الناس عن هذا المعنى، إنما العمران الذي يقضي الحاجة، ويخدم مصالح الأمة، كأسوار المدن والقلاع والحصون الضرورية لحماية السكان وصّد هجمات العدو، وإسكان الجند، وحفظ المؤن والأسلحة اللازمة للقتال، الأمر الذي كانت تقتضيه ظروف المواجهة مع الغزاة الفرنجة، ثم المساجد والمدارس ودور الأيتام والغرباء الضرورية لتربية الأجيال على الخير والصلاح، والمستشفيات والأسواق والخانات والحمامات والقنوات والقناطر والجسور لتسهيل العمل بالزراعة، والتجارة، من أجل تحقيق الكفاية وتحسين المعيشة وزيادة موارد الدولة، هذا هو العمران الذي أحبه نور الدين وأنفق القسم الأكبر من خزينة الدولة في سبيل تحقيقه [1] فقد بنى أسوار مدن بلاد الشام جميعها وأصلح القلاع والحصون بعد الزلازل التي حصلت عام 552هـ/ 1157م وكذلك بعد الزلازل التي وقعت عام 566هـ/1171م [2]، وأنفق على ذلك أموالاً طائلة يقول ابن الأثير في ذلك: فمن ذلك أنه بنى أسوار بنى الشام جميعها وقلاعها فمنها حلب وحماه وحمص ودمشق وبارين وشيزر ومنبج وغيرها من القلاع والحصون وحصنها وأحكم بناءها وأخرج عليها من الأموال مالاً تسمح به النفوس ([3])،
وكنا قد تحدثنا بنوع من التفصيل عن المدارس والمستشفيات ودور الأيتام والمساجد ومن مظاهر العمران اسحدثها نور الدين بناء الأبراج على الطرق بين الإمارات الفرنجية وما جاورها من بلاد الشام حتى المدن الرئيسية (دمشق، حلب، حماه، حمص) ووضع فيها حاميات صغيرة ومعهم الزاجل لينذروا من يليهم من بلاد المسلمين عن حركات الفرنجة، فيستعد المسلمون للقائهم، فكانت هذه الأبراج تعمل كنقاط مراقبة دائمة لتمرير المعلومات عن العدو [4] وأما ما يتعلق بالمرافق العامة كالخانات والحمامات، والأسواق ودور الوضوء فقد تميزت مدن الشام بكثرتها وترتيبها ونظامها فقد وصف ابن جبير دمشق بقوله: وبهذه البلدة أيضاً قرب مئة حمام فيها وفي أرباضها وفيها نحو أربعين داراً للوضوء يجري الماء فيها كلّها، وليس في هذه البلاد كلها بلدة أحسن منها للغريب لأن المرافق بها كثيرة وأسواق هذه البلدة من أفضل أسواق البلاد وأحسنها انتظاماً، وأبدعها وصفاً ولاسيما قيسارياتها، وهي مرتفعة كأنها الفنادق مثقفة كلها بأبواب حديد كأنها أبواب القصور [5]. [1] سنا البرق الشامي ص 27. [2] عيون الروضتين نقلاً عن دور نور الدين محمود في نهضة الأمة. [3] الباهر ص 170 دور نور الدين في نهضة الأمة ص 187 .. [4] الباهر ص 171 دور نور الدين في نهضة الأمة ص 187. [5] رحلة ابن جبير ص 235، 236.
نام کتاب : عصر الدولة الزنكية نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 317