نام کتاب : عصر الدولة الزنكية نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 266
العسكريين، فقد كان يملك أراض واسعة أنفق مواردها في بناء المدارس التي تنشر الفكر الإسلامي وحين مات لم يخلف إلا دنانير قليلة ([1])،
وكذلك فعل وزير نور الدين أبو الفضل محمد بن عبد الله الشهرزوري الذي أوقف أوقافاً كثيرة: منها مدرسة الموصل ومدرسة نصيبين، ورباطاً في المدنية المنورة، وأوقف أوقافاً في قرية "الهامة" على المقادسة الذين نزحوا من وجه الاحتلال الصليبي وكان كثير التبرع والهبات ولا تقل هبته في المرة الواحدة عن ألف دينار فما فوقها [2] وكذلك فعل عبد الله بن عصرون حيث بنى مدرستين في دمشق وحلب وكذلك فعل نجم الدين يوسف والد صلاح الدين حيث بنى خانقاه تُعرف بالنجمية [3]. وعلى هذا المنهاج سار بقية رجال الحكم والإدارة، وحذت حذوهم نساؤهم. من ذلك ما فعلته الست خاتون عصمت الدين زوجة نور الدين حيث أوقفت " الخاتونية " بمحلة حجر الذهب وخانقاه خاتون باب النصر، وأوقافاً كثيرة أخرى ومثلها زمرد خاتون بنت جاولي [4].
6 - توفر الأمن والعدل واحترام الحرمات العامة: تواترت لدى المؤرخين المعاصرين أخبار الأمن والعدل واحترام الحرمات العامة، كحرية الرأي المنضبطة والمحافظة على كرامة الفرد التي سادات في ذلك المجتمع في الوقت الذي انتفت جميعها في الأقطار الإسلامية المجاورة ولقد علق ابن الأثير على ذلك فقال: قد طالعت تواريخ الملوك المتقدمين من قبل الإسلام إلى يومنا هذا فلم أر فيه بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز ملكاً أحسن سيرة من الملك العادل نور الدين، ولا أكثر تحرياً للعدل والإنصاف منه. قد قصر ليله ونهاره على عدل ينشره، وجهاد يتجهز له، ومظلمة يزيلها، وعبادة يقوم بها وإحسان يوليه، وإنعام يسديه. فلو كان في أمة لا فتخرت به فكيف في بيت واحد [5] وإلى جانب ذلك، امتازت الأجواء العامة بحرية الرأي، فكان كل إنسان يقول رأيه دون خوف من التعرض للأذى أو الانتقاد حتى لو كان النقد موجهاً لنور الدين بالرغم من استعمال البعض لأساليب قاسية محرجة ولقد أورد المؤرخون الإسلاميون أمثلة عديدة لمواقف نور الدين التي تكشف عن أنه كان يتقبل النقد بصدر رحب مهما بلغت حدته وينظر في كلام الناقدين فإذا رأى فيه ما ينفع سارع إلى الأخذ به وقد مّر معنا كلام الواعظ أبي عثمان المنتخب بن أبي محمد الواسطي وكيف تناول موضوع الضرائب والمكوس في حضور نور الدين نفسه فحذرّه [1] نور الدين محمود، حسين مؤنس ص 391 .. [2] طبقات الشافعية (6/ 117 - 119). [3] هكذا ظهر جيل صلاح الدين ص 268. [4] المصدرنفسه ص 269. [5] التاريخ الباهر نقلا عن هكذا ظهر جيل صلاح الدين ص 270.
نام کتاب : عصر الدولة الزنكية نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 266