نام کتاب : عصر الدولة الزنكية نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 237
فالناس يقومون بالعدل ويحيون بالأمل ويسعون بالأمن وينتفعون بالعمل والانتاج [1].
إن العدل الشامل لا يتحقق إلا بتطبيق شرع الله تطبيقاً قائماً على الفهم الصحيح للكتاب والسنة والمعرفة الدقيقة بالواقع من ناحية وبمقاصد الشريعة الإسلامية من ناحية أخرى، وهو أمر لا يتحقق إلا بتكوين العدد المناسب من العلماء المجتهدين النابهين [2].
رابعاً: مكانة العلماء في دولة نور الدين محمود:
فهم نور الدين محمود زنكي أن من أسباب النهوض وجود القيادة الربانية، فهي التي تستطيع أن تنتقل بفضل الله وتوفيقه بالأمة نحو أهدافها المرسومة بخطوات ثابتة وكان على قناعة تامة بأهمية وجود العلماء الربانيين على رأس القيادة الربانية فهم قلب القيادة الربانية وعقلها المفكر فنور الدين زنكي يعرف أن تحرير الأرض وتوحيدها ليس عملاً سياسياً أو عسكرياً فحسب، بل أنه أوسع بذلك بكثير، إنه مواجهة المذهب الشيعي الرافضي الباطني والذي كان بالفعل خطراً داخلياً يهدد عقيدة الأمة وسلامة دينها والصراع الحضاري مع الغرب الأوروبي النصراني، أي بين أمة وأمة وإنه بدون تأصيل (الذات العقائدية) للأمة المسلمة فلن تكون انتصاراتهم على الخصم سوى أعمالاً جزئية موقوته معرضة دوماً للمد والجزر وللتغيير والتبّدل كما كان يحدث دائماً وما يقتضيه " الموقف " هذا، ليس مجرد انتصار خارجي في معركة أو استرداد حصن .. إنما بناء أمة مقاتلة تعرف كيف تحمي وجودها العقائدي وتحفظ حدود شخصيتها الحضارية من أن تتفتت وتضيع وحينذاك سوف يتحول كل عنصر عسكري أو كسب سياسي إلى إنجاز بنائي يزيد المجتمع المقاتل قوة وأصالة وتماسكاً لا مجرد تكديس شيء لا يشده الرباط تكديس كمي يثبت للضربة والضربتين ولكنه الثالثة أو الرابعة ينهار فتذهب مع انهياره هدراً جهود السنين الطوال وعرقها ودماوها [3].
فالنشاط العلمي في عصر نور الدين لم يكن أبداً ترفاً فكرياً، ولا إفرازاً تقليدياً لأجهزة الدولة، لكنه "تصميم" هادف يسعى إلى عملية "التأصيل العقائدي" من خلال نشاط ثقافي وتربوي واسع النطاق يرتبط به الفكر بالسلوك، والعلم بالعمل، وتزول حواجز الفصل والإزدواج، وتنمحي الثنائيات، ويبرز إلى حيزّ التاريخ "الإنسان" المتوازن الذي أراده [1] الإسلام والوعي الحضاري ص 117. [2] المصدر نفسه ص 117. [3] نور الدين محمود الرجل والتجربة ص 139.
نام کتاب : عصر الدولة الزنكية نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 237