نام کتاب : عصر الدولة الزنكية نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 154
وحصون منيعة. كما أن السياسة الانعزالية التي اتبعها أولئك الأمراء تجاه الخطر الصليبي المتقدم نحو الشرق، وما تبع ذلك ذلك من تشتيت لإمكانات المسلمين البشرية والعسكرية والاقتصادية، قد أدت إلى عجز هذه الإمارات عن الوقوف بوجه هذا الخطر الصليبي الزاحف هذا في الوقت الذي كان على زنكي فيه أن يعمل على إزالة العقبات التي تقف أمام توحيد الإمارات المتفرقة، المبعثرة، في جبهة إسلامية موحدة تستطيع أن توقف الزحف الصليبي، ومن ثم تبدأ بالهجوم المنظم على قواعد الصليبين هذه العوامل التي دفعت زنكي إلى اتباع سياسة الهجوم، والتي تخللتها أحياناً علاقات سلمية ومعاهدات استدعتها طبيعة الظرف الذي كان يمر فيه وفي نفس الوقت، عمل زنكي على تأمين حدود إمارته باتجاه الشرق والشمال الشرقي، حيث يشكل الأكراد والتركمان في هذه المناطق عناصر خطر بالغة ضد إمارته، لاسيما عند تأزم علاقاته بالإمارات الغربية، أو عند توغله بعيداً عن مقره في الموصل [1]. ومن ثم تبدو لنا واضحة أهمية الدور الذي لعبه زنكي في التاريخ الإسلامي إذ يعتبر أول قائد قام بتجميع القوى الإسلامية وفق برنامج معين ليجابه بها تزايد الخطر الصليبي الذي لم توقفه المحاولات الجدية التي سبقت زنكي وبخاصة تلك التي تمت على يد كل من مودود بن التونتكين 502 - 507هـ وايلغازي وبلك الأرتقيين 512 - 518هـ وآق سنقر البرسقي 518 - 520هـ (2)
ومن المرجح أنه لو تمكن زنكي من فتح دمشق وانجاز محاولته لتوحيد الشام، ولو لم يقتل - وهو في قمة انتصاراته ضد الصليبيين - لكان قد استطاع أن يستكمل الأجزاء المتبقية من برنامجه، ولتكاملت أمام الباحث الحديث الصورة الواضحة للدور الذي قام به في التاريخ الإسلامي، وهو دور فاصل تتضح خطورته، إذا عرفنا أن نور الدين محمود، ومن بعده صلاح الدين لم تكن جهودهما سوى اتمام العمل الذي بدأه عماد الدين زنكي وفي نفس الطريق [3].
الحادي عشر: الأيام الأخيرة من حياة عماد الدين زنكي:
1 - تهنئة عماد الدين بالشفاء من مرض عرض له: في عام 540هـ انشد ابن منير بالرقة في عماد الدين زنكي قصيدة، يهنّئه بالعافية من مرض عرض له في يده ورجله قال فيها
يا بدرُ لا أَفْلٌ ولا مُحَاقُ [4] ... ولا يَرِم [5] مشرقك الإشراق
بالدَّين والدُّنيا الذي تشكو هول ... يهتز فرعٌ لم يُقمه ساق [1] المصدر نفسه ص 166.
(2) عماد الدين زنكي ص 166 .. [3] المصدر نفسه ص 166. [4] لا أفق ولا مجال وهو وهم. [5] لا يَرِم: يبرح.
نام کتاب : عصر الدولة الزنكية نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 154