responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : على عتبات الحضارة - بحث في السنن وعوامل التخلق والانهيار نویسنده : بتول جندية    جلد : 1  صفحه : 77
سبق أن تكلمنا على أثر الوفرة في تنشيط عملية انسحاب الفكرة وتحويلها المصالح التي تحتويها الفكرة، ضمنًا، من منافِسات فيها إلى منافِسات لها، ويتجلى انسحاب الفكرة في ظاهرتين تؤثّران، بدورهما، في تعزيز هذا الانسحاب وضرب الركائز الأساسية التي تستمد الفكرة منها حياتها وصلابتها، الظاهرة الأولى هي تقلّص الوجود المادي للفكرة، عن طريق تخلّي أعلامها وقادتها عن استلهامها في حياتهم اليومية وسلوكهم العملي والبذل في سبيلها إلا ما كان من قشور وتقاليد ومظاهر، وقد يصل الحدّ أن تتخلّى بعض النخب عن العناية باحترام تلك المظاهر كذلك، وتنتشر العدوى في فئات المجتمع كلها بنسب ودرجات متفاوتة تعادل درجة ضعف سلطان الفكرة في العالم المادي، ومدى تراجع مظاهرها وآثارها فيه، فيعمّ الشك ويروج التردّد والاحتمال، ويخسر اليقين أقوى عوامل وجوده. وفي ظل الانسحاب التدريجي للفكرة من العالم المادي ينشط وجودها النظري والتجريدي، ويشجِّع الترف الفكري ولادةَ فلسفات نظرية راقية تستلهم الفكرة وتجرّد مفاهيمها وقيمها وتقتلها بحثًا وتقنينًا، وتلك هي الظاهرة الثانية لانسحاب الفكرة، إذ إن الوجود النظري يتّسم، غالبًا، بالمثالية والتعالي على هموم الواقع اليومية وحاجات الأمة المتجدّدة.
ويزداد الوضع حدّة عن طريق الاستجابات الخاطئة لحاجات الواقع، والتطرّف في ردّ الفعل عليها، فتظهر فلسفات مناقضة للفكرة المؤسِّسة، سواء كانت نابعة منها، أو كانت ردةَ فعل طبيعية عليها، وإمكانًا من الإمكانات المتاحة لملء الفراغ الذي

نام کتاب : على عتبات الحضارة - بحث في السنن وعوامل التخلق والانهيار نویسنده : بتول جندية    جلد : 1  صفحه : 77
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست