نام کتاب : عمر بن عبد العزيز معالم التجديد والإصلاح الراشدي على منهاج النبوة نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 182
عنه على رفع طبقات من الناس وتمييزهم على غيرهم بالعطاء والمجالس وغير ذلك، وسرى ذلك في الأمة حتى أصيب بعض أفرادها بالضعف وأصبحوا يرون أنهم ليسوا أهلاً للجلوس مع أفراد الطبقات المميزة الذين أصبح الناس يطلقون عليهم اسم ((الأشراف)) ولقد بلغ الضعف بعامة المجتمع إلى عدم التجاسر على الاقتراب من أفراد الطبقة الخاصة حتى في المساجد التي من المفترض فيها أن يتنافس المصلون على القرب من الإمام لما في ذلك من زيادة الثواب، فلما تولى الخلافة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز كان من أجلِّ اهتماماته أن يقارب بين فئات المجتمع فذلك بأن يضع من سمعة الطبقات العالية وأن يزيل كبرياءهم، وأن يرفع من شأن الطبقات المستضعفة وأن يقوي معنوياتهم ويزيل شعورهم بالضعف، فكان من جهوده في ذلك المساواة بينهم في العطاء ولا شك أن المال له أهمية كبرى في الرفع من شأن الناس وخفضهم، وفي هذا الخبر تبين لنا اهتمامه في هذا المجال بالإشارة إلى عموم الناس ليقتربوا من الخاص، ويختلطوا بهم حتى تزول تلك الفجوة بين المسلمين التي خلفها ظلم الولاة وسوء إدارتهم [1]. 17 ـ شعوره الكبير بالمسئولية اتجاه أفراد المجتمع:
قالت فاطمة بنت عبد الملك زوجة عمر: .. إن عمر رحمة الله عليه كان قد فَرَّغ للمسلمين نفسه، ولأمورهم ذهنه، وكان إذا أمسى مساء لم يفرغ فيه من حوائج يومه وصل يومه بليلته، إلى أن أمسى مساء وقد فرغ من حوائج يومه، فدعا بسراجه الذي كان من ماله، فصلى ركعتين ثم أقعى واضعاً رأسه على يديه، تسيل دموعه على خديه، يشهق الشهقة يكاد ينصدع قلبه لها، وتخرج لها نفسه حتى برق الصبح فأصبح صائماً، فدنوت منه فقلت: يا أمير المؤمنين أليس كان منك ما كان؟ قال: أجل فعليك بشأنك وخلِّيني وشأني، قالت: فقلت إني أرجو أن أتَّعظ، قال: إذاَ أخبرك، إني نظرت فوجدتُني قد وليت أمر هذه الأمة أسودها وأحمرها، ثم ذكرت الفقير الجائع، والغريب الضائع، والأسير المقهور، وذا المال القليل والعيال الكثير، وأشباه ذلك في أقاصي البلاد وأطراف الأرض، فعلمت أن الله سائلي عنهم، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حجيجي فيهم، فخفت أن لا يقبل الله [1] التاريخ الإسلامي (15/ 140).
نام کتاب : عمر بن عبد العزيز معالم التجديد والإصلاح الراشدي على منهاج النبوة نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 182