نام کتاب : محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث نویسنده : أبو القاسم سعد الله جلد : 1 صفحه : 157
أما التجارة الداخلية فقد كانت في أيدي الجزائريين إلى بداية القرن التاسع عشر. ولكن في هذا التاريخ استولى اليهود، بإذن من الباشا، على التجارة الداخلية أيضا. فقد استغلوا حروب الثورة الفرنسية، وحاجة أوربا إلى القمح وعملوا على تحويل التجارة إلى أرباحهم الخاصة. وقد كان عملاء اليهود يذرعون البلاد من شرقها إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها سائلين القوافل عما تحمل وعما يريد أصحابها أن يشتروا، ثم يشترون منها البضاعة ويصدرونها للخارج على سفن تحمل أعلاما مختلفة. وتذكر الوقائع التاريخية أن اليهود قد صدروا من مرسى وهران 75،000 قنطار من القمح و 60،000 قنطار من الشعير وأنهم باعوا مثلها إلى عربان الصحراء.
ومن الطبيعي أن الروح التجارية قد تغلبت على هؤلام المصدرين فكانوا لا يهتمون بحاجة البلاد، فحتى في وقت المجاعات كانت الفائدة هي رائدهم.
وكانت الأسعار تختلف من المدينة إلى الريف. فالأسواق في المدن كانت مراقبةكما كانت الأسعار: لذلك لم يكن الاستغلال كبيرا. أما في الريف فالمراقبة ضعيفة ولذلك غرق الفلاحون في الشقاء وكانوا هدفا للاستغلال، كما أن إنتاجهم الضعيف كان يستهلك في الضرائب. وبينما لا تدفع قبيلة المخزن المتحالفة مع السلطة الحاكمة سوى 10% نجد قبيلة الرعية تدفع عدة أنواع من الضرائب. (العشور، الزكاة، الحكور، وهو نوع من الغرامة الثقيلة التي تصل أحيانا إلى 28 رأسا من الغنم). وقد أدت حالة النزاعات القبلية، وثورات الرعية على السلطة، وكثرة السكان في بعض القبائل إلى حالة من الفقر التي كانت الجزائر تعاني منها أثناء الحكم العثماني. ولكنه فقر يعود إلى طبيعة الحكم وليس إلى موارد البلاد.
ولكن حالة الفلاح لم تتحسن بعد سيطرة الفرنسيين. بالعكس فقد جرد من الأرض، ومنعته الحروب التي شنها ضد المستعمرين من الاستقرار
نام کتاب : محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث نویسنده : أبو القاسم سعد الله جلد : 1 صفحه : 157