نام کتاب : معاوية بن أبي سفيان نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 95
إلى الشَّام، قبل أن يهجم عليك من الأمور والأحداث مالا قِبَل لك بها. قال عثمان أنا لا أبيع جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء، ولو كان فيه قطع خيط عنقي. قال له معاوية: إذاً أبعث لك جيشاً من الشَّام، يقيم في المدينة، لمواجهة الأخطار المتوقعة، ليدافع عنك، وعن أهل المدينة، قال عثمان: لا حتى لا أقترّ على جيران رسول الله صلى الله غليه وسلم الأرزاق، بجند، تساكنهم ولا أضيِّيق على أهل الهجرة والنُّصرة. قال له معاوية: يا أمير المؤمنين: والله لتُغتلنَّ، أو لتُغزينَّ. قال عثمان: حسبي الله ونعم الوكيل [1]. ولقد حدث كل ما توقعه معاوية، فجاءت جموع أهل الفتنة لتحاصر عثمان رضي الله عنه وتغتاله في النهاية. وحين جاء هؤلاء الثوار من مختلف الأقاليم لا نجد من بينهم جماعة من أهل الشام [2]، من كل ما سبق نجد أننا أمام وال كبير يشق طريقه بجدارة من بين الولاة إلى ما هو أبعد من الولاية فقد استطاع أن يجعل من
إقليم الشام الإقليم المهيأ لقيادة بقية الأقاليم في الدولة الإسلامية بما عمق فيه من حسن الطاعة للقيادة، وبما ثبت فيه من دعائم الاستقرار، وقطعه لأسباب الفتنة وعوامل الفرقة فيه. وهذا ما لا نجده في غيره من الأقاليم [3].
مقتل عثمان رضي الله عنه وموقف الصحابة من ذلك:
اشتد الحصار على عثمان رضي الله عنه، حتى منع من أن يحضر للصَّلاَّة في المسجد، وكان صابراً على هذه البلوى التي أصابته كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وكان مع إيمانه القوي بالقضاء والقدر، يحاول أن يجد حلاً لهذه المصيبة، فنراه تارة يخطب الناس عن حرمة دم المسلم، وإنه لا يحل سفكه إلا بحقه وتارة يتحدث في الناس ويظهر فضائله وخدماته الجليلة في الإسلام ويستشهد على ذلك ببقية العشرة رضوان الله عليهم [4]، وكأنه يقول من هذا عمله وفضله هل من الممكن أن يطمع بالدنيا ويقدمها على الآخرة وهل يعقل يخون الأمانة ويعبث بأموال الأمة ودمائها وهو يعرف عاقبة ذلك عند الله وهو الذي تربى على عين النبي صلى الله عليه وسلم والذي شهد له وزكاه وكذلك أفاضل الصحابة ومتى بعد ما [1] تاريخ الطبري (5/ 353). [2] عبد الله بن سبأ، للعودة صـ 152، أثر العلماء في الحياة. [3] أثر العلماء في الحياة السياسية صـ 76. [4] خلافة علي بن أبي طالب، عبد الحميد علي صـ 85.
نام کتاب : معاوية بن أبي سفيان نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 95