نام کتاب : معاوية بن أبي سفيان نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 423
زعمائهم في الإسلام وأبرزهم كسيلة، ودخل كثير من قومه في الإسلام ووفر أبو المهاجر بذلك جهوداً كبيرة لابد من بذلها في فتح بلاد المغرب لو بقي أولئك البربر على كفرهم، ولاشك أن عقبة حينما أهان ذلك الزعيم البربري لم يكن يعتقد بصحة إسلامه إذ أن عقبة كان في غاية التواضع للمسلمين وكان اجتهاده يقضي بمحاولة إذلال ذلك الرجل حتى يتحطم طغيانه وتهون مكانته في نفوس قومه فلا يستطيع بعد ذلك أن يستنفرهم لحرب ضد المسلمين، ولكنه أخطأ في اجتهاده لأن قوم ذلك الرجل كانوا حديثي عهد بالإسلام، ومهما كان لظن عقبة فيه من احتمال في عدم الصدق في الولاء فإن كسبه وبقاءه في جيش المسلمين وتحت سلطتهم أولى بكثير من معاداته وإتاحة الفرصة له لضرب المسلمين من مكامن الخطر، وهو الذي صحبهم وحاز على شيء من ثقتهم [1]، ومن موقف عقبة المذكور تظهر لنا نتيجة مهمة
من نتائج العمل بسنن الإسلام التي من أهمها العمل بالشورى وأخذ رأي أهل الحل والعقد خاصة في الأمور المهمة، وعلى أي حال فإن كلا القائدين كان مجتهداً في تصرفه ولا يظن بواحد منهما أنه كان يعمل لصالح نفسه أو لصالح عشيرته وإنما كان رائدهما النظر في مصلحة الإسلام والمسلمين، ولكن كان اجتهاد أبي المهاجر أقرب إلى الصواب في هذه القضية [2].
1 ـ جهاده من القيروان إلى المحيط:
بعد اكتمال بناء القيروان عام خمسة وخمسين عُزل عقبة بن نافع عن ولاية إفريقية، ثم أُعيد إليها عام اثنين وستين قام برحلته الجهادية المشهورة التي قطع فيها ما يزيد على ألف ميل من القيروان في تونس إلى ساحل المحيط الأطلسي في المغرب، وقد استخلف على القيروان زهير بن قيس البلوي ودعا لها قائلاً: يا رب أملأها علماً وفقهاً وأملأها بالمطيعين لك، واجعلها عزاً لدينك وذلاً على من كفر بك .. وامنعها من جبابرة الأرض [3]، وخرج عقبة بأصحابه الذين قدم بهم من الشام وعددهم عشرة ألف إلى جانب عدد كبير انضم إليهم من القيروان، ودعا بأولاده قبل سفره وقال لهم: إني قد بعت نفسي من الله عز وجل فلا أزال أجاهد [1] التاريخ الإسلامي (13/ 254). [2] المصدر نفسه (13/ 254). [3] البيان المغرب (1/ 23)، الإسلام والتعريب في الشمال الإفريقي (1/ 126).
نام کتاب : معاوية بن أبي سفيان نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 423