نام کتاب : معاوية بن أبي سفيان نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 218
ولم يكن ذلك شأن معاوية في خلافته، وقد استرعى انتباه بعض فقهائنا ومؤرخينا ذلك القرب الشديد بين مقاصد خلافة معاوية ومقاصد خلافة الراشدين، لذلك فقد رأى ابن تيمية: .. فهذا يقتضي أن شوب الخلافة بالملك جائز في شريعتنا، وأن ذلك لا ينافي العادل، وإن كانت الخلافة المحضة أفضل [1]، ولن نبتعد عن الحقيقة إذا قلنا إن معاوية وبعض خلفاء بني أمية كان يود لو سار سيرة الراشدين كاملة، ولكنهم كانوا قادرين على ذلك في تفاعلهم مع
أحوال رعيتهم وظروف عصرهم، وإن ذلك الأفق العالي والمثل الرفيع الذي قدمه الخلفاء الراشدون للسياسة الإسلامية والإنسانية كان يعمل تأثيره الجذاب عند بعض الخلفاء والرعية على السواء، ولكنه كان أيضاً يستعلي على قدراتهم، فيجهدون أنفسهم لتحقيقه، ثم يعودون إلى جذبة الواقع مقرين بصعوبة المحاولة والتجربة [2]، ولقد سأل معاوية يوماً ولده وولي عهده يزيد كيف سيعمل بعد استخلافه؟ فقال: أعمل فيهم عمل عمر بن الخطاب، فتبسم معاوية وقال: والله لقد جهدت أن أعمل فيها عمل عثمان فلم أقدر، أتعمل أنت فيهم بعمل عمر بن الخطاب [3]؟،
ولا يعني ذلك أن العودة إلى صفا الحياة في عصر الخلفاء الراشدين أمر مستحيل، ولكن لا يأتي به الحاكم وحده وإن صلحت نيته، وعظمت عزيمته، بل لا بد من تحقيق ذلك القدر من التوافق والانسجام بين الراعي والرعية حيث يتعاون الجميع على تحقيق ذلك المجتمع الطيب، وطريق ذلك طويل وشاق ويحتاج إلى أجيال من الدعاة والحكام الذين يبذلون جهدهم لتربية الرعية على كمال الإيمان، ويعطون القدوة في ذلك والمثل، ويستفرغون في ذلك وذاك وقتهم وجهدهم [4]، وقد كان ابن تيمية يعبر عن هذه الحقيقة حين يرى أنه إن ساء الحكم في مجتمع ما كان ذلك لنقص في الراعي والرعية [5] معاً. إن الشورى في عهد معاوية والدولة الأموية تقلصت عمّا كانت عليه في عهد الخلافة الراشدة وبقيت في عهد معاوية بعض جوانبها ولم تتقدم كلياً كما يطرح البعض. [1] الفتاوي (35/ 18). [2] الدولة الأموية المفترى عليه صـ276. [3] البداية والنهاية نقلاً عن الدولة الأموية المفترى عليها صـ 276 .. [4] الدولة الأموية المفترى عليها صـ277. [5] مجموع الفتاوي (35/ 20) الدولة الأموية المفترى عليها صـ277.
نام کتاب : معاوية بن أبي سفيان نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 218