نام کتاب : معاوية بن أبي سفيان نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 190
معاوية إلى الروم ويسأله الملك والبطريق وغيره من البطارقة الحوائج الجليلة والحيلة لا تتوجه إلى معاوية, حتى مضى على ذلك سنين فلما كان في بعضها قال البطريق
للصوري, وقد أراد الخروج إلى دار الإسلام قد اشتهيت أن تعمدني بقاء حاجة, وتمن بها على, وهي أن تبتاع لى بساط سوسنجرد بمخاده ووسائده, ويكون فيه من أنواع الألوان الحمرة والزرقة وغيرها, ويكون من صفة كذا وكذا, ولو بما بلغ ثمنه كل مبلغ, فأنعم له بذلك, وكان من شأن الصوري أن يكون مركبه إذا ورد القسطنطينية بالقرب من موضع ذلك البطريق وكان للبطريق ضيعة سرية, وفيها قصر مشيد, ومنتزه حسن على أميال من القسطنطينية راكبه على الخليج, وكان البطريق أكثر أوقاته في ذلك المنتزه وكانت الضيعة فيما بين قسم الخليج من يلي بحر الروم والقسطنطينية فانصرف الصوري إلى معاوية سراً, فأخبره بالحال فأحضر معاوية بساطا بوسائد ومخاد ومجلس حسن (1)
, فانصرف به مع جميع ما طلب منه من أرض الإسلام, وقد تقدم إليه معاوية بالحيلة, وكيفية إيقاعها وكان الصوري فيما وصفنا من هذه المدة قد صار كأحدهم في المؤنسة والعشرة, وفي الروم طمع وشره فلما دخل من البحر إلى خليج القسطنطينية, وقد طابت له الريح, وقرب من ضيعة البطريق, أخذ الصوري أخبار البطريق من أصحاب القوارب والمراكب, فأخبر أن البطريق في ضيعته, وذلك أن الخليج طوله نحو من ثلاثمائة وخمسين ميلاً, والضياع والعمائر على حافتيه, والمراكب تختلف, والقوارب بأنواع المتاع والأقوات, إلى القسطنطينية من هذه العمائر لا تحصى كثرة, فلما علم الصوري أن البطريق في ضيعته فرش البساط ونضد ذلك الصدر والمجلس بالوسائد والمخاد في صحن المركب ومجلسه, والرجال تحت المجلس بأيديهم المقاذيف مشكله قائمة غير قاذفين بها, ولا يعلم بهم أنهم في بطن المركب إلا من ظهر منهم في عمله والريح في القلع, والمركب مار في الخليج كأنه سهم خرج عن كبد قوس لا يستطيع القائم على الشط أن يملأ بصره منه لسرعة سيره واستقامته في جريه, فأشرفه على قصر البطريق, وهو جالس في مستشرفه مع حرمه, وقد أخذت منه الخمر, وعلاه الطرب, وذهب به الفرح والسرور كل مذهب, فلما رأى البطريق مركب الصوري
(1) الشهب الامعة في السياسة والنافعة ص489 ..
نام کتاب : معاوية بن أبي سفيان نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 190