نام کتاب : نوادر الخلفاء = إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس نویسنده : الإتليدي جلد : 1 صفحه : 155
فنعم الدار أنت لكل ضيفٍ ... إذا ما ضاق بالضيف المكانُ
قال: فقلت في نفسي، من هذه الدار أشرب الماء، فأتيت إلى الباب فسمعت صوتاً ضعيفاً من فؤاد نحيف، وقائلاً يقول:
بالله ربكما عوجا على سكني ... وعاتباه لعل العتب يعطفه
وعرضاً بي وقولاً في حديثكما ... ما بال عبدك بالهجران تتلفه
فإن تبسم قولا في ملاطفةٍ ... ما ضر لو بوصالٍ منك تسعفه
وإن بدا لكما في وجهه غضبٌ ... فغالطاه وقولا ليس نعرفه
قال: فقلت، يا حبذا إن كان قائل هذا الصوت شخصاً صورته على قدر صوته واحتشمت، ثم إني قويت قلبي ورفعت الستر ودخلت الدهليز إلى أن انتهيت إلى آخره ومديت طرفي، وإذا أنا بدار قد أقبلت عليها السعادة، وزالت عنها الشقاوة، ورأيت في صدر ذلك المكان إيواناً وبركة وشاذرواناً، وفي ذلك الإيوان تخت من السياج، وقوائمه من العاج، ومصفح بالذهب الوهاج، وفوق التخت فراش من الحرير الأطلس، ومسند مزركش، وعليه جارية نائمة خماسية القد، قائمة النهد لا بالطويلة الشاهقة ولا بالقصيرة اللاصقة، أشهر من علم، تربية العجم على أكتاف الخدم، بخد أسيل، وطرف كحيل، وخصر نحيل، وردف ثقيل، إن أقبلت فتنت، وإن ولت قتلت، كما قال فيها بعض واصفيها:
كما اشتهت خلقت حتى إذا اعتدلت ... في قالب الحسن لا طول ولا قصر
جرى بها الشحم حتى دار أعكنها ... طي القباطي فلا سمن ولا غور
كأنها أفرغت من ماء لؤلؤةٍ ... في كل جارحة من حسنها قمر
إلا أن الجارية، يا أمير المؤمنين، قد حكمت عليها يد الأيام ونزلت بها جميع الأسقام وعند رأسها طبيب، وهو يجس يدها ويقول: يا ست بدور، الضارب ضارب والساكن ساكن ولا برد ولا حمى ولا شيء تشتكينه أكثر من سهر الليل وجريان الدمع لعل الست في قلبها هوى من أحد، فلما سمعت كلام الطبيب أنشدت تقول:
إذا هممت بكتمان الهوى نطقت ... مدامعي بالذي أخفي من الألم
فإن أبح افتضح من غير منفعة ... وإن كتمت فدمعي غير منكتم
لكن إلى الله أشكو ما أكابده ... من طول وجد ودمع غير منصرم
قال: فنهض الطبيب قائماً على قدميه فناولته صرة فيها عشرون ديناراً، ثم التفتت
نام کتاب : نوادر الخلفاء = إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس نویسنده : الإتليدي جلد : 1 صفحه : 155