نام کتاب : القراءات المتواترة وأثرها في الرسم القرآني والأحكام الشرعية نویسنده : محمد الحبش جلد : 1 صفحه : 312
الثالث: القراءة بالرفع على أنها ابتداء كلام، حكم في المسلمين [1].
وقد تحدّثنا بالتفصيل عن مذاهب النّحاة في توجيه اختياراتهم [2]، ولم يبق إلا أن نشير إلى أثر القراءة في الحكم الشرعي.
قال ابن المنذر: ومن قرأ بالرفع جعل ذلك ابتداء كلام، حكم في المسلمين [3]، وهذا أصح القولين، وذلك أنها قراءة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وكذا ما بعده. والخطاب للمسلمين، وقد أمروا بهذا [4].
فيتعين ثبوت الحكم في حقّ من يرى أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد فيه ناسخ، وهم الحنابلة والحنفية، وذلك سواء قرءوا بالرفع أو بالنصب، على التعليل الذي
قدمناه.
ولا يتعين ثبوت الحكم في حق من قرأ بالنصب إذا كان لا يرى الأخذ بشرع من قبلنا، وهم الشافعية، الذين استدلّوا بقول الله عزّ وجلّ: لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً [المائدة: 5/ 48].
ولكن كيف يتوجه عندهم تواتر قراءة الرفع، وهو تواتر ملزم كما علمت؟ الجواب أنهم يجعلونه عطفا على المعنى كما قدمناه، فلا يلزمهم حينئذ حكم القصاص، ويكون فهمهم للآية مغايرا لما أوردناه عن ابن المنذر بقوله: هذا حكم في المسلمين، غاية الأمر أنهم جعلوا العطف هنا على المعنى، فاتصلت العبارات من جهة المعنى، وانفصلت من جهة الاتباع الإعرابي.
لكن هذه الحجة التي فصلناها لهم لم ترد في كتب الشافعية، فهي تخريج على أصولهم، ولكن لم يجدوا الحاجة للاستدلال بها كونهم لم يخالفوا في مثلية القصاص في عموم قوله سبحانه:
وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ [النّحل: 16/ 126]، وقوله: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ [البقرة: [2]/ 193].
كذلك فإنهم لم ينازعوا فيما حكاه ابن المنذر، فيمكن القول حينئذ أن الكافة متفقون على [1] هذه الوجوه الثلاثة هي خلاصة ما حكاه الطبري والقرطبي من مذاهب السلف. [2] انظر 642 من هذه الرسالة. [3] كذا في القرطبي، وقد أورد الآلوسي العبارة بقوله: أي بيان حكم جديد في المسلمين. [4] انظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 6/ 193.
نام کتاب : القراءات المتواترة وأثرها في الرسم القرآني والأحكام الشرعية نویسنده : محمد الحبش جلد : 1 صفحه : 312