نام کتاب : القراءات المتواترة وأثرها في الرسم القرآني والأحكام الشرعية نویسنده : محمد الحبش جلد : 1 صفحه : 308
فأما المسألة الأولى- وهي لا علاقة لها باختلاف القراءة- فقد اعتمدها الحنفية أصلا في تكافؤ الدماء بين الناس، فلم يشترطوا التكافؤ في الحرية والدين، وإنما يكتفى بالتساوي في الإنسانية، وأمارتها نفخ الروح، وكذلك فإن النصوص العامة لم تفرق بين مسلم وذمّي كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى [البقرة: [2]/ 181]، وقوله تعالى: وَكَتَبْنا
عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ
[المائدة: [5]/ 45]، فلو لم يجب قتل المسلم بالذّمي لكان في ذلك إغراء بإهراق الدماء لما بين الفريقين من العداوة في الدين [1].
واستدلوا كذلك بما رواه الدارقطني أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم أقاد مؤمنا بكافر، وقال: أنا أحق من وفّى بذمته [2].
وقد مضى جمهور الفقهاء إلى ردّ اختيار الحنفية، وشرطوا الإسلام في المقتول لإقامة حدّ القصاص، إذ الكفر شبهة تنفي المساواة، والحدود تدرأ بالشبهات، ولا قصاص مع الشبهة.
وردّ الجمهور على حديث الدارقطني بأنه ضعيف، وقد يحمل على أنه كان قبل تقرير النّبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا يقتل مسلم بكافر» [3].
وقد تأوّل الحنفية حديث: لا يقتل مسلم بكافر، ولا ذو عهد في عهده، بأنه خاص بالكافر الحربي، وهو محلّ إجماع بين الفقهاء [4].
وأما الآية فقد قال جمهور المفسرين إنها شرع من قبلنا، وهو لا يلزمنا، ولكن الحنفية مضوا على إعماله وفق قاعدتهم في اعتبار شرع من قبلنا مصدرا تشريعيا، وهو خلاف أصولي مشهور بين علماء الأصول [5]. [1] انظر بدائع الصنائع للكاساني 7/ 237. [2] في إسناده عبد الرحمن بن البيلساني- بفتح فسكون- مولى عمر، مدني نزل حرّان، ضعيف. وروي مرسلا عن محمد بن الحسن. انظر تقريب التهذيب 1/ 474. [3] رواه أحمد والنّسائي وأبو داود، وتمام الحديث في الصفحة الآتية. [4] انظر الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور الزحيلي 6/ 269. [5] أنقل هنا هذه الأبيات لبيان مذهب الفقهاء في الاحتجاج بشرع من قبلنا، وهي من منظومة من نحو سبع مائة بيت في الأصول، نظمتها بتوفيق الله عام 1402 هـ:
واختلفوا في شرعة الذين ... من قبلنا ملغية أم دينا
فاتفقوا في الأخذ بالأحكام ... مما أقر الدين كالصيام
نام کتاب : القراءات المتواترة وأثرها في الرسم القرآني والأحكام الشرعية نویسنده : محمد الحبش جلد : 1 صفحه : 308