responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : القراءات المتواترة وأثرها في الرسم القرآني والأحكام الشرعية نویسنده : محمد الحبش    جلد : 1  صفحه : 194
وهذا في الحقيقة من بدائع الكلم، إذ جعل نَقْدِرَ هنا من التقدير، وهذا كما ترى ظنّ محمود يندرج تحت حسن الظن بالله، ويتضمن اعتقاد نبي الله يونس بأن الله لن يقدر عليه العقوبة، بل يعفو ويرحم.
وقد أفاض الإمام القرطبي في الرّد على من تأوّل الآية هنا بمعنى أن إبليس استزلّه، وأوقع في ظنه إمكان ألا يقدر الله عليه بمعاقبته، فقال القرطبي: هذا قول مردود مرغوب عنه لأنه كفر، مع أنه صرح بروايته عن سعيد بن جبير [1].
وثمة توجيه آخر لقراءة الجمهور وهو على جعل نقدر هنا بمعنى نضيق، ويدل لذلك قوله تعالى: اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ [الرّعد: 13/ 26]، وقوله: وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ [الطّلاق: 65/ 7]، وهو قول مروي عن سعيد بن جبير، وعطاء، والحسن البصري [2]. فهناك إذن توجيهان لقراءة الجمهور أنها بمعنى: التقدير، وبمعنى التّضييق.
ويشهد للقول بأنه التقدير أيضا ما روي أن عمر بن عبد العزيز قرأها: (فظنّ أنه لن نقدر عليه)، وبمثل ذلك روي عن قتادة، والفراء، وأنشد ثعلب:
فليست عشيات اللوى برواجع ... لنا أبدا ما أورق السلم النضر
ولا عائد ذاك الزمان الذي مضى ... تباركت ما تقدر يقع، ولك الشكر (3)

وثمرة الخلاف:
أن نبي الله يونس- وهو النبي المعصوم- لما ترك قومه وقع في ظنه شيئان:
الأول: أن قومه لن يقدروا على إيذائه حين يفرّ منهم، وهو ما دلّت له قراءة يعقوب بصيغة المبني للمجهول.
الثاني: أن الله عزّ وجلّ لن يقدر عليه بمعنى: لن يقدر عليه، أي: لن يعجل حسابه ويؤاخذه بالإياس من قومه [4]، وهو ما دلّت له قراءة الجمهور، وهو حسن ظن بالله، وحسن اعتقاد بعفوه، ورحمته.

[1] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 11/ 329.
[2] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 11/ 329.
(3) المصدر نفسه 330.
[4] وكذلك على تأويل عطاء، وسعيد بن جبير أنه ظن أن لن نضيّق عليه، وقد قدّمنا هذا القول آنفا.
نام کتاب : القراءات المتواترة وأثرها في الرسم القرآني والأحكام الشرعية نویسنده : محمد الحبش    جلد : 1  صفحه : 194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست