responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : القراءات المتواترة وأثرها في الرسم القرآني والأحكام الشرعية نویسنده : محمد الحبش    جلد : 1  صفحه : 165
والحق أن اعتراض أبي مسلم، ومثله بعض المعاصرين اليوم، منشؤه عدم فهم النّسخ على وجه الحقيقة.
فالنّسخ في الواقع ليس تغيرا في حال الخالق؛ بل هو تغيير في حال المخلوق، فهي أمور يبديها لا أمور يبتديها، أمور يظهرها لا أمور تظهر له، سبحانه وتعالى عما يقولون علوّا كبيرا.
والنّسخ لا يتعلّق بالعقائد والأخبار، وإنما يتعلّق بالإنشاء [1]، وهذا الباب متّصل بأحوال الخلق؛ إذ يصلحهم، ويصلح لهم في حال ما لا يصلحهم، ولا يصلح لهم في حال آخر.
ألا ترى أن الطبيب يأمرك بالحمية اليوم وينهاك عنها غدا، ويصف لك الدواء اليوم ويأمرك باجتنابه غدا، والطبيب هو الطبيب، لم يتغير في حاله، وفي عمله شيء، وإنما تغيّر المريض.
وأظهر الدلالة على وقوع النّسخ هذه الآية الصريحة التي لا يقرؤها أحد بحيدة إلا يفهم منها ما فهمته الأمة، وكذلك قول الله عزّ وجلّ: وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ [النّحل: 16/ 101].
وأما وقوعه بالفعل فهو أكثر من أن يستدلّ له بمثال، ومع ذلك نعد من الأمثلة قول الله تعالى: سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها [البقرة: 2/ 142].
فهذا دليل ظاهر أنهم أمروا باستقبال قبلة، ثم نسخ هذا الأمر، وأمروا باستقبال سواها.
وقوله تعالى: الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ، وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ [الأنفال: 8/ 65].
وهو دليل ظاهر أنهم أمروا بأكثر من ذلك، ثم خفّف الله عنهم بنسخ الأمر السابق.
قال الإمام المفسر القرطبي: «وقد أنكرت طوائف من المنتمين للإسلام من المتأخرين جواز النّسخ، وهم محجوجون بإجماع السّلف السابق على وقوعه في الشريعة».

[1] قاعدة مقررة في أصول الفقه. انظر أصول الفقه الإسلامي للدكتور وهبة الزحيلي 2/ 954.
نام کتاب : القراءات المتواترة وأثرها في الرسم القرآني والأحكام الشرعية نویسنده : محمد الحبش    جلد : 1  صفحه : 165
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست