. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عنه - عن النبي - صلّى الله عليه وسلم - قال: «اقرءوا القرآن بلحون العرب وإياكم ولحون أهل الفسق والكتابين» وفي رواية «أهل العشق والكتابين فإنه سيجيء قوم بعدي يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح لا يجاوز حناجرهم مفتونة قلوبهم وقلوب من يعجبهم شأنهم» والمراد بألحان العرب القراءة بالطبائع والأصوات السليقية وبألحان أهل الفسق: الأنغام المستفادة من القواعد الموسيقية، والأمر محمول على الندب، والنهي محمول على الكراهة، إن حصل له معه المحافظة على صحة ألفاظ الحروف وإلا فمحمول على التحريم، والقوم الذين لا تجاوز حناجرهم قراءتهم الذين لا يتدبرونه ولا يعملون به ومن جملة العمل به الترتيل والتلاوة حق تلاوته، ونقل الزيلعي من الأئمة الحنفية أنه لا يحل التطريب، وهو أن يترنم بالقراءة فيمد في غير محل المد ويزيد في المد ما لم تجزه العربية، وكذلك لا يحل الترقيص، وهو أن يروم السكت على الساكن ثم ينقز مع الحركة في عدو وهرولة، وكذلك لا يحل القراءة بالترعيد وهو أن يرعد صوته كالذي يرعد من برد أو ألم، وكذلك لا يحل القراءة بالتحزين، وهو أن يترك طباعه وعادته في التلاوة ويأتي بها على وجه آخر كأنه حزين يكاد يبكي من خشوع وخضوع، وإنما نهي عن ذلك لما فيه من الرياء، وكذلك لا يحل القراءة بما أحدثه هؤلاء الذين يجتمعون في صعيد واحد فيقرءون كلهم بصوت واحد فيقطعون القراءة، ويأتي بعضهم ببعض الكلمة والآخر ببعضها وهو حرام مبتدع، ويحافظون على مراعاة الأصوات خاصة، وسماه بعضهم التحريف، فإن قال قائل منهم قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن» فقل له: المراد بالتغني به هو تحسين الصوت وتزيينه على وفق التجويد وتبيينه لقوله - صلّى الله عليه وسلم -: «زينوا القرآن بأصواتكم». وقد بلغنا عن الأستاذ الإمام أبي علي البغدادي المعروف بسبط الخياط صاحب المنهج وغيره في القراءة أنه كان قد أعطى حظا عظيما وأنه أسلم على يده جماعة من اليهود والنصارى من سماع قراءته وحسن صوته، وفي الحديث الشريف عن زيد بن ثابت عن النبي - صلّى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله يحب أن يقرأ القرآن كما أنزل» أخرجه ابن خزيمة في صحيحه ويؤيده قوله تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ.