المطلب الثاني: الأحوال الدينية:
إن التدهور الشديد الذي آلت إليه حال المسلمين في القرن الثاني عشر الهجري لم يقف عند الجانب السياسي الآنف الذكر بل تعداه إلى ما هو أهم من ذلك وهو الجانب الديني.
وإن العين الناظرة في تاريخ المسلمين هنا وهناك قبيل دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لتذرف ماءها بسخاء حزنا على ما أصاب دينهم من أسقام تغلغلت في الأعماق.
الأمر الذي كان سببا رئيسيا في احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
وقد وصف لنا المؤرخ ابن غانم 1 رحمه الله حالة المسلمين الدينية في منطقة نجد زمن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فقال:
" كان غالب الناس في زمانه متضمخين بالأرجاس, متلطخين بوضر 2 الأنجاس حتى قد انهمكوا في الشرك ... فعدلوا إلى عبادة الأولياء والصالحين, وخلعوا ربقة التوحيد والدين فوجدوا في الاستغاثة بهم في النوازل والحوادث والخطوب المعضلة والكوارث, وأقبلوا عليهم في طلب الحاجات وتفريج
1-هو الشيخ حسين بن أبي بكر بن غنام الأحسائي المالكي مذهبا التميمي نسبا ولد بالمبرز بالأحساء ونشأ بها وقرأ على علماء وقته ثم نزح إلى الدرعية ألف مؤلفين " العقد الثمين في أصول الدين" ووتاريخه المشهور بتاريخ ابن غنام وقد سماه " تاريخ نجد المسمى روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام" توفي بالدرعية سنة خمس وعشرين ومائتين وألف من الهجرة " انظر مشاهير علماء نجد وغيرهم ص 185 تأليف عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن عبد الله آل الشيخ – ن دار اليمامة- ط/2"1394هـ".
2- الوضر: وسخ الدسم واللبن وغسالة السقاء والقصعة ... ووضر الإناء وضرا إذا اتسخ "لسان العري 6/4857 مادة:" وضر".