أقرب مدائنها إلى القطر التونسي، فلا عجب حينئذٍ أن امتازت مازرة - في عصر الفيض الإسلامي - بمسائرة بر العدوة الإفريقية في تقاليده ومشاركته بالنصيب الوافر في العلوم والآداب العربية، وكانت مازرة آخر معاقل الإسلام بالجزيرة: وقد أنبتت عشرات من العلماء ما بين فقهاء ومحدثين وأدباء وشعراء فصحاء ومن يرجع إلى تاريخ صقلية العربية يجد ما فيه إقناع وإمتاع.
المَازَرِيُّونَ:
أولهم - أبو عبد الله محمد بن أبي الفرج ويعرف بـ (الذكي) المازري، فقيه حافظ مقدم في المذهب المالكي، مشهور بالعربية وسائر العلوم، مولده بمازرة وتحول إلى القيروان بعد استيلاء الإفرنج على بلده فأخذ عن الإمام السيوري وغيره، ومن تلاميذه الإفريقيين الرجل الصالح أبو الفضل ابن النحوي التوزري ورحل إلى المغرب الأقصى ثم عاد إلى إفريقية ومنها قصد المشرق وأقام بمصر والشام والعراق، وعلم في بغداد العربية وفنون اللغة، واستقر آخرًا في إصبهان في بلاد فارس وبها توفي