وكذلك انهوى ركن العلوم الشرعية الذي تواصل قيامه منذ الفتح العربي، وكاد يندثر لولا بقية صالحة من أولي العزم، حفظوا تعاليم الشريعة، واحتضنوا تراث الرواية، وصانوا سبيل التلقي عن الأسلاف، وبذلك سلم لهم السند العلمي، فعكفوا عليه يحوطونه وينفون عنه الزيف، حتى أسلموه إل الأخلاف؛ لكي يتابعوا نشره إعلاءً لكلمة الله!.
في طليعة هؤلاء الأفذاذ البررة، ذلك الحبر الذي خصصنا ترجمته بتلك الأوراق، وهو (الإمام المَازَرِي) ... وكأن الأقدار ناطب به جمع ما تبدد من منهج السند العلمي القديم القويم، واستنقاذه من العبث الذي جَرَّ إليه الطغيان والجهالة والهمجية في تلك الحقبة من تاريخ إفريقية التونسية.
ويحق لتاريخ العلم في هذا البلد الطيب أن يعد الإمام المازري العروة الوثقى بين الماضي الزاهر لتعاليم الحنيفية السمحة، وبين العصور الوسطى في تاريخ الإسلام.
ولكي تتجلى مزية المازري في هذا الصدد نقدم بين يدي ترجمته إلمامة نتعرف بها كيف تواصل السند العلمي في الشريعة