توطئة:
فيما بين المائة الثانية وأواسط المائة الخامسة من الهجرة كانت «إفريقية» - وهي البلاد التونسية اليوم - ترفل في حلل الرفاهية، وتحيط بها هالات المجد، فتفيض عليها البهاء والرواء.
تعاقبت عليها أجيال من الخلائق والدول، باذلة لها ما في الوسع من جسام المساعي وجلائل الأعمال، فانتظم فيها مجتمع إفريقي ناهض ينظر إلى المستقبل بعين التفاؤل والاستبشار.
وطدت تلك الأجيال والدول في إفريقية التونسي دعائم الحياة الاجتماعية السعيدة، فعملت على ترقية الفلاحة، وتنمية الصناعة، وتنشيط التجارة، وتعميم العلوم والآداب، وبذلك طار صيت البلاد في استكمالها أسباب الحضارة والتمدن وضرب بها المثل في ربوع العالمين.
بينما تمضي إفريقية التونسية إلى أوج العزة والازدهار إذ رماها الزمن بداهية دهياء، زعزعت منها القواعد وردتها على الأعقاب، وأقامت فيها مأتمًا بعد عرس.