ابن أبي عمران التُّجِيبِي، وأخذ كل منهما عن صاحبه كما سمع منه خلق كثير من أبناء تونس والقيروان، ومما هو جدير بالملاحظة أن رواية الأفارقة للحديث كانت أكثر ما كانت بطريق المدنيين وسندهم، ويلوح لي أن ذلك هو السبب الأصيل في ميل الأفارقة من بعد إلى الأخذ بآراء أهل المدينة في الفقه، وإيثار الكثير منهم لمذهب مالك بن أنس وصحبه وقد قال الإمام الشافعي: «إذَا جَاوَزَ الحَديثُ الحَرَمَيْنِ (المَدِينَةِ وَمَكَّةَ) فَقَدْ ضَعُفَ نُخَاعُهُ» [1].
ومهما يكن من أمر فقد سار يحيى في إفريقية سيرة الأخيار البررة الساعين لنشر تعاليم الملة السمحة، السالكين سبيل العفة والنزاهة في القول والعمل، وأقام يحيى في تونس نحو عشرين سنة بث في أثنائها علمًا كثيرًا، وأخلاقا مرضية، وتوفي سنة 143هـ (720 م).
مُشَارَكَةُ الإِفْرِيقِيِّينَ فِي العِلْمِ:
وبين الرعيل الأول من الأفارقة الذين حملوا العلم الاسلامي: [1] كتاب " آداب الشافعي ومناقبه "، طبع القاهرة 1372 هـ، ص 200.