الباهلي، وفتح حبيب بن مَسْلَمَة الفهري، إلى أن وصل إلى (عبرة الفتح) في استقامة السلف الصالح، وتعففهم، ورغبتهم فيما عند الله، لا فيما عند الناس، لذلك انتصروا بمبادئهم العالية، أكثر من انتصارهم بسيوفهم البتّارة. وفي الحرب العادلة التي خاضوها، وهي حرب ضدّ الظلم، والاستغلال، والاستعباد، فاستحوذوا على ثقة الشعوب المغلوبة، فتعاونت هذه الشعوب مع الفاتحين العادلين.
ثم تحدّث عن استعادة فتح أرمينية التي انتقضت وثارت على العرب والمسلمين الذين كانوا يقتتلون فيما بينهم، في فتن كقطع الليل المظلم، ثم استقلت عن الدولة الإسلاميّة.
تحدّث عن جهاد محمد بن مروان، ومَسْلَمَة بن عبد الملك، والجرّاح ابن عبد الله الحكمي، وسعيد بن عمرو، ومروان بن محمد، وكيف استعادوها بصعوبة وتضحيات جسام، ثم خلص إلى العبرة المستخلصة من استعادة فتح أرمينية فقال:
" وكان المسلمون الأولون يحرصون على تعلُّم القرآن الكريم، والحديث الشريف، واللغة والتاريخ، وعلى تعليمها، لتقويم عقولهم وقلوبهم وألسنتهم، لبناء الفرد المسلم إنساناً، ولبناء المجتمع الإسلاميّ أمّة، حتى يربَّى الفرد مثالياً وحتى لا تُقهر الأمة أبداً.
" وكان الفرد يعتبر بالتاريخ ليتأسَّى بالمحسنين، فيسجّل بأعماله صفحات من نور في تاريخ أمته، ويترفّع عن أخطاء المسيئين حتى لا يسوِّد صفحات أمّته، ويلحق بها العار " [1]. [1] قادة الفتح الإسلامي في أرمينية: ص 99.