يهانوا أو يُقتلوا، وبكى في الحرب الثانية كما لم تبك ثكلى .. بكى على الجيش الذي كان يعدّه للملمّات .. لتحرير فلسطين .. وإذا هو لقمة سائغة تتناهشها أنياب ثلاث وثلاثين دولة، بين شقيقة وعدوّة .. ولقد سمعته يقول، ودموعه السخينة تحرق وجنتيه:
- هل رأيت أشلاء جيشنا يا عبد الله؟ هل سمعت بالانسحاب الكيفي أمام لؤم أمريكة المتوحشة، وطيرانها المتغوّل؟ هل هذا هو المصير الذي كنّا نُعِدُّ جيش العراق له؟ هل خُلق جيش العراق ليكون طعاماً لجنازير الدبابات والصواريخ؟
ثم أنشد باكياً والله بنشيج يقطّع القلوب:
لمْ يبقَ شيءٌ مِنَ الدُّنيا بأيْدينَا ... إلاَّ بقيّة دَمْعٍ في مَآقينَا
وكان يقابل هذه الظلماتِ المدلهمّة، وعيٌ إسلاميٌّ، وصحوة إسلاميّة، كان لها أعداء من الداخل والخارج بالمرصاد .. وكان يفرح لها، ويحزن لمصائر قادتها .. ولما يُبَيَّتُ لها .. ولضعف قياداتها، وارتجاليتهم، أمام التحدّيات الشرسة التي تواجههم، وتريد استئصالهم .. كان يقول:
- هذا عصر الأئمة: حسن البنا، وأبي الأعلى المودودي، ومصطفى السباعي، وسيد قطب، وعبد القادر عودة، ومحمد فرغلي ..
كان خطّاب يعرف الكثير عنهم، ويعرف المؤامرات التي دُبِّرت لهم، والعجز الذي شلَّ أتباعهم ..
كان عصر خطّاب مزيجاً من نار ونور، ولكن وهج النار وتأثيرها أكبر من النور المحاصَر، وأعظم من ضياء الأيدي المتوضّئة.
عاش خطّاب عصره بكل ما فيه، وناله الكثير مما فيه، وعاه بعقله