نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت بشار نویسنده : الذهبي، شمس الدين جلد : 5 صفحه : 692
410 - محمد بن أبي نُعَيْم الواسطيّ الهُذَليّ، واسم أبيه موسى. [الوفاة: 221 - 230 ه]
عَنْ: أبان بن يزيد العطّار، ومهديّ بن ميمون، ووُهَيْب بن خالد، وجماعة.
وَعَنْهُ: أبو زرعة، وأبو حاتم، وحنبل بن إسحاق، وعبد الكريم الدِّيرعَاقُوليّ، وعليّ بن إبراهيم الواسطيّ.
قال أبو حاتم: صَدُوق. وقال: سألت عنه يحيى بن مَعِين فقال: ليس بشيء.
وقال أبو داود: سألت ابن مَعِين عن ابن أبي نُعَيْم فقال: كذّاب خبيث.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابعه عليه الثِّقات.
وقال ابن أبي حاتم: سَمِعْتُ أحمد بن سِنَان يقول: ابن أبي نُعَيْم ثقة صَدُوق.
411 - محمد المعتصم بالله، أمير المؤمنين، أبو إسحاق بن هارون الرشيد ابن المهديّ، الهاشميّ العبّاسيّ. [الوفاة: 221 - 230 ه]
وُلِدَ سنة ثمانين ومائة، وأُمَّه أمُّ ولد اسمُها ماردة.
رَوَى عَنْ: أبيه، وَعَنْ: أخيه المأمون.
رَوَى عَنْهُ: إسحاق الموصلي، وحمدون بن إسماعيل، وآخرون.
وبويع بعد المأمون بعَهْدٍ منه إليه في رابع عشر رجب سنة ثماني عشرة ومائتين.
وكان أبيض، أصْهب اللحية طويلها، رَبْع القامة، مُشْرب الَّلون، ذا شجاعة وقوّة وهمّة عالية. وكانت خلافته ثمانية أعوام وثمانية أشهر، وكان عُرْيًا من العِلْم؛ فروى الصُّوليّ عن محمد بن سعيد، عن إبراهيم بن محمد الهاشميّ قال: كان مع المعتصم غلام في الكُتّاب يتعلّم معه، فمات الغلام، فقال له الرشيد أبوه: يا محمد، مات غلامك. قال: نعم يا سيّدي، واستراح من -[693]- الكُتّاب. فقال: وإن الكتّاب لَيَبْلغ منك هذا؟! دعوه؛ لا تعلّموه. قال: فكان يكتب ويقرأ قراءةً ضعيفة.
قال خليفة: حجّ بالنّاس أبو إسحاق ابن الرشيد سنة مائتين.
وقال الصولي: حدثنا عون بن محمد قال: رأيت المعتصم أوّل رَكْبةٍ رَكِبها ببغداد وهو خليفة حين قدِم من الشّام، وذلك أوّل يومٍ من رمضان سنة ثمان عشرة، وأحمد بن أبي دُؤَاد يُسايره، وهو مُقْبل عليه.
وقال أبو الفضل الرِّياشيّ: كتب ملك الروم - لعنه الله - إلى المعتصم يتهدّده، فأمرَ بجوابه، فلمّا قُرئ عليه الجواب لم يرضه، وقال للكاتب: اكتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أمّا بعد، فقد قرأت كتابك وسمعت خطابك، والجواب ما ترى لا ما تسمع، وسيعلم الكافر لمن عُقْبَى الدار.
وقال أبو بكر الخطيب وغيره: غزا المعتصم بلاد الروم سنة ثلاثٍ وعشرين، فأنكى في العدّو نكايةً عظيمة، ونصَب على عَمّورِية المجانيق، وفتحها، وقتل ثلاثين ألفًا، وسبى مثلهم، وكان في سَبْيه ستّون بِطْريقًا، ثمّ أحرق عَمُّورِية.
قال خليفة: وفي هذه السنة أُتِيَ ببابَك الخُّرْميّ أسيرًا، فأمر بقطع أربعته وصلبه.
قلت: كان من أَهْيب الخلفاء وأعظمهم، لولا ما شان سُؤْددَه بامتحان العلماء بخلْق القرآن، نسأل الله السّلامة.
قال نفطويه: للمعتصم مناقب، وكان يقال له: المثمّن، فإنه كان ثامن الخلفاء من بني العبّاس، ومَلَك ثمان سنين وثمانية أشهر، وفتح ثمانية فتوح؛ بلاد بابَك على يد الأفشين، وفتح عَمُّورِية بنفسه، والزُّطّ بعجيف، وبحر البصرة، وقلعة الأجراف، وأعراب ديار ربيعة، والشّاري، وفتح مصر. وقتل ثمانية أعداء؛ بابَك، وباطيش، ومازَيار، ورئيس الزّنادقة، والأفشين، -[694]- وعُجَيْفًا، وقارون، وقائد الرافضة. وإنّما فتح مصر قبل خلافته.
وزاد غير نَفْطَوَيْه إنّه خَلّف من الذَّهب ثمانية آلاف ألف دينار، ومن الدّراهم مثلها. وقيل: ثمانية عشر ألف ألف، ومن الخيل ثمانين ألف فَرَس، وثمانية آلاف مملوك، وثمانية آلاف جارية، وبنى ثمانية قصور، وقيل: بل بلغ عدد غلمانه التُّرْك ثمانية عشر ألفًا.
وعن أحمد بن أبي دُؤاد قال: استخرجت من المعتصم في حَفر نهر الشّاش ألفي ألف، غير أنّه كان إذا غضب لا يُبالي من قتلَ.
وقال إسحاق المَوْصِليّ: دخلت عليه وعنده قَيْنَةٌ تغني، فقال: كيف تراها؟ قلت: تقهر الغناء برفق، وتجليه برِفْق، وتخرج من الشيء إلى أحسن منه، وفي صوتها شجى وشذور أحسن من در على النحور. فقال: صفتك لها أحسن منها ومن غنائها، خذها لك. فامتنعت لعلمي محبته لها، فوصلني بمقدار قيمتها.
وبَلَغَنا أنّ المعتصم لمّا تجهّز لغزو عَمُّورِيَة حكم المنّجمون أنّ ذلك طالَع نَحْس، وأنّه يُكْسَر، فكان من ظَفْرِه ونَصْرِه ما لم يَخْفَ، وفي ذلك يقول أبو تمام الطائي قصيدته البديعة:
السَّيفُ أصدق إنباءً من الكُتُبِ ... في حَدّهِ الحَدُّ بين الْجِدّ والَّلعبِ
منها:
والعلم في شهب الأرماح لامعةً ... بين الخَمِيسَيْن لا في السَّبْعةِ الشُّهُبِ
أين الرواية أمّ أين النّجومُ وما ... صاغوه من زُخْرُفٍ فيها ومن كذِبِ
تخرُّصًا وأحاديثًا مُلَفْقَةً ... ليست بنَبْع إذا عُدَّت ولا غَرَبِ
وعن أحمد بن أبي دُؤَاد قال: كان المعتصم يُخرج ساعده إليّ ويقول: يا أبا عبد الله، عُضّ ساعدي بأكثر قوّتك. فأقول: ما تَطِيب نفسي. فيقول: إنه لا يضرني. فأروم ذلك، فإذا هو لا تعمل فيه الأسِنّة، فضلًا عن الأسنان.
وانصرف يومًا من دار المأمون إلى داره، وكان شارع الميدان منتظما -[695]- بالخِيَم، فيها الْجُنْد، فإذا امرأة تبكي وتقول: ابني ابني. وإذا بعض الْجُنْد قد أخذ ولدها، فدعاه المعتصم، وأمره بردّ ابنها عليها، فأبى، فاستدناه، فدنا منه، فقبض عليه بيده، فسمعتُ صوت عظامه، ثمّ أطلقه فسقط، وأمر بإخراج الصّبيّ إلى أمّه.
وقال أحمد بن أبي طاهر: ذكر أحمد بن أبي دُؤَاد المعتصم يومًا، فأسهب في ذِكْرِه، وأطنب في وصْفه، وذكر من سعة أخلاقه ورضيّ أفعاله، وقال: كثيرًا ما كنتُ أُزامله في سفره.
قال أبو بكر الخطيب: ولكَثْرة عسكر المعتصم وضِيق بغداد عنه بنى سُرّ من رأى، وانتقل إليها فسكنها بعسكره، وسُمّيت العسكر، وذلك في سنة إحدى وعشرين ومائتين.
وعن عليّ بن يحيى المنجّم قال: استتمّ عِدّة غلمان المعتصم الأتراك بضعة عشر ألفًا، وعُلِّق له خمسون ألف مِخْلاة، وذَلَّل العدَوّ بالنّواحي.
فيقال: إنه قال في مرض موته: {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً}.
وقال المسعودي: وَزَرَ له ابن الزّيّات إلى آخر أيّامه، وغلب عليه أحمد بن أبي دؤاد.
وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا عليّ بن الْجَعْد قال: لمّا احتضر المعتصم جعل يقول: ذهبت الحيلة فليس حيلة، حَتّى صمت.
قال: وحدَّثني شيخ من قُريش أنّه جعل يقول: أؤخذ من بين هذا الخلّق. قال: وكان أصهب اللحية جدا، طويلها.
قلت: وللمعتصم شعرٌ لا بأس به، وكلمات فصيحة.
قال نَفْطَوَيْه: فممّا يُرْوَى من كلامه: إذا شُغلت الألباب بالأداب، والعقول بالتعليم، تنبّهَت النفوس على محمود أمرها، وأبرز التّحريك حقائقها. -[696]-
قال نَفْطَوَيْه: وحُدِّثت أنّه كان من أشدّ النّاس بطْشًا، وأنّه جعل زَنْد رجلٍ بين إصبعيه فكسره.
وقال عبد الله بن حمدون النّديم، عن أبيه، سمع المعتصم يقول: عاقل عاقل مرّتين أحمق.
وقال إسحاق بن إبراهيم الأمير: واللهِ ما رأيت كالمعتصم رجلًا؛ لقد رأيته يملي كتابا، ويقرأ كتابا، ويعقد بيده، وإنّه لَيُنْشِدُ شعر أبي خِراش الهُذَليّ:
حَمِدتُ إلهِي بعد عُرْوَة إذ نجا ... خِراشٌ وبعضُ الشَّرِّ أهْوَنُ من بعضِ
بلى إنّها تَعْفُو الكلوم، وإنما ... نوكل بالأدنى، وإنْ جلّ ما يمضي
ولم أدرِ من ألقى عليه رداءه ... ولكنه قد سل عن ماجد محض
مات المعتصم يوم الخميس لإحدى عشرة ليلةً بقِيَت من ربيع الأوّل سنة سبْعٍ وعشرين، وله سبْعٍ وأربعون سنة وسبعة أشهر.
قلت: فهذا يدلُ على أنّ مولده قبل سنة ثمانين بأشهُر، ودُفِنَ بسُرّ مَنْ رأي، وصلّى ابنه الواثق عليه.
ومِن أحسن ما سُمِع مِن المعتصم قوله إنْ صحّ عنه: اللهمّ إنّك تعلم أنّي أخافك من قِبَلي ولا أخافك من قِبَلك، وأرجوك من قِبَلك ولا أرجوك من قِبَلي.
نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت بشار نویسنده : الذهبي، شمس الدين جلد : 5 صفحه : 692