responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت بشار نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 4  صفحه : 357
-[حَرْفُ الدَّالِ]

• - د ت ق: دَاوُدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ، [الوفاة: 161 - 170 ه]
قَدْ مَرَّ.

105 - دَاوُدُ بْنُ سِنَانٍ، الْقُرَظِيُّ الْمَدَنِيُّ. [الوفاة: 161 - 170 ه]
عَنْ: أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ.
وَعَنْهُ: الْقَعْنَبِيُّ، وَإِسْحَاقُ الْفَرَوِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ: لا بَأْسَ بِهِ.

106 - خ ت ن ق: دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ، الْكِنْدِيُّ الْمَرْوَزِيُّ، ثُمَّ الْبَصْرِيُّ. [الوفاة: 161 - 170 ه]
عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بريدة، وإبراهيم الصَّائِغِ، وَأَبِي غَالِبٍ صَاحِبِ أَبِي أُمَامَةَ، وَعَلْبَاءَ بْنِ أَحْمَرَ.
وَعَنْهُ: حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وَعَفَّانُ، وَشَيْبَانُ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْمَتِينِ.
قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ.

107 - ن: دَاوُدُ الطَّائِيُّ. هُوَ أَبُو سُلَيْمَانَ، دَاوُدُ بْنُ نُصَيْرٍ الطَّائِيُّ الْكُوفِيُّ، الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ، [الوفاة: 161 - 170 ه]
أَحَدُ الأَعْلامِ.
رَوَى عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَحُمَيْدٍ، وَالأَعْمَشِ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ عُلَيَّةَ، وَزَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَمُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورِ السَّلُولِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَغَيْرُهُمْ. -[358]-
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، لَكِنَّهُ آثَرَ الْخُمُولَ وَالإِخْلاصَ، وَفَرَّ بِدِينِهِ.
سَأَلَهُ رَجُلٌ مَرَّةً عَنْ حَدِيثٍ فَقَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي أُبَادِرُ خُرُوجَ نَفْسِي.
وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: أَبْصَرَ دَاوُدُ أَمْرَهُ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: هَلِ الأَمْرُ إِلا مَا كَانَ عَلَيْهِ دَاوُدُ.
وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: كَانَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ يُجَالِسُ أَبَا حَنِيفَةَ، ثُمَّ إِنَّهُ عَمَدَ إِلَى كُتُبِهِ فَغَرَّقَهَا فِي الْفُرَاتِ، وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ وَتَخَلَّى.
وَكَانَ زَائِدَةُ صَدِيقًا لَهُ، فَأَتَاهُ يَوْمًا فَقَالَ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ: " الم. غُلِبَتِ الرُّومُ "، قَالَ: وَكَانَ يُجِيبُ فِي هَذِهِ الآيَةِ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا الصَّلْتِ، انْقَطَعَ الْجَوَابُ، وقام فدخل بَيْتَهُ.
رَوَاهَا ابْنُ الْمَدِينِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، وَزَادَ فِيهَا: كَانَ دَاوُدُ مِمَّنْ عَلِمَ وَفَقِهَ وَنَفَذَ فِي الْكَلامِ قَالَ: وَأَخَذَ حَصَاةً فَحَذَفَ بِهَا إِنْسَانًا، فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ، طَالَ لِسَانُكَ، وَطَالَتْ يَدُكَ، فَاخْتَلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ سَنَةً لا يُسْأَلُ وَلا يُجِيبُ.
وَقِيلَ: كان داود يعالج نفسه بالصمت، فأراد أَنْ يُجَرِّبَ نَفْسَهُ هَلْ يَقْوَى عَلَى الْعُزْلَةِ، فَقَعَدَ فِي مَجْلِسِ أَبِي حَنِيفَةَ سَنَةً لَمْ يَنْطِقْ، ثُمَّ اعْتَزَلَ النَّاسَ.
قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: جِئْتُ أَنَا وَابْنُ عُيَيْنَةَ إِلَى دَاوُدَ الطَّائِيِّ، فقال: قد جئتماني مرة فلا تعودا إلي.
وعن أبي الرَّبِيعِ الأَعْرَجِ، قَالَ: كَانَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ لا يَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ حَتَّى يَقُولَ الْمُؤَذِّنُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ، فَإِذَا سَلَّمَ الإِمَامُ أَخَذَ نَعْلَهُ وَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَوْصِنِي، قَالَ: اتَّقِ اللَّهَ، وَبِرَّ وَالِدَيْكَ، ثُمّ قَالَ: وَيْحَكَ، صُمِ الدُّنْيَا، وَاجْعَلِ الْفِطْرَ الْمَوْتَ، وَاجْتَنِبِ النَّاسَ غَيْرَ تَارِكٍ لِجَمَاعَتِهِمْ.
وَعَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ: قُلْتُ لِدَاوُدَ: أَوْصِنِي، قَالَ: أَقْلِلْ مِنْ مَعْرِفَةِ النَّاسِ، قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: ارْضَ بِالْيَسِيرِ مَعَ سَلامَةِ الدِّينِ، كَمَا رَضِيَ أَهْلُ الدُّنْيَا بِالدُّنْيَا مَعَ فَسَادِ الدِّينِ.
وَعَنْهُ قَالَ: كَفَى بِالْيَقِينِ زُهْدًا، وَكَفَى بِالْعِلْمِ عَبَادَةً، وَكَفَى بِالْعِبَادَةِ -[359]- شغلا.
وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي: أخبرنا أبو نعيم، قال: رأيت داود الطائي وكان من أَفْصَحَ النَّاسِ وَأَعْلَمَهُمْ بِالْعَرَبِيَّةِ، يَلْبَسُ قَلَنْسُوةً سَوْدَاءَ طويلة مما يلبس التجار، وقد قال له أبان بن تغلب: هذا أعلم من بقي بالنحو، ثم قال أبو نعيم: كان أبان غاية من الغايات.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ: قَالَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ لِسُفْيَانَ: إِذَا كُنْتَ تَشْرَبُ الْمَاءَ الْمُبَرَّدَ، وَتَأْكُلُ اللَّذِيذَ الطَّيِّبَ، وَتَمْشِي فِي الظِّلِّ الظَّلِيلِ، فَمَتَى تُحِبُّ الْمَوْتَ.
وَقِيلَ: إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ قَحْطَبَةَ الأَمِيرَ قَدِمَ الْكُوفَةَ فَقَالَ: أَحْتَاجُ إِلَى مُؤَدِّبٍ يُؤَدِّبُ أَوْلادِي، حَافِظٍ لِكِتَابِ اللَّهِ، عَالِمٍ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، وَبِالأَثَرِ، وَالْفِقْهِ، وَالنَّحْوِ، وَالشِّعْرِ، وَأَيَّامِ النَّاسِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا يَجْمَعُ هَذِهِ الأَشْيَاءَ كُلَّهَا إِلا دَاوُدُ الطَّائِيُّ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بشير: أخبرنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْجُعْفِيُّ قَالَ: كَانَ دَاوُدُ الطائي قد ورث من أمه أربع مائة دِرْهَمٍ، فَمَكَثَ يَتَقَوَّتُ بِهَا ثَلاثِينَ عَامًا، فَلَمَّا نَفِدَتْ جَعَلَ يَنْقُضُ سُقُوفَ الدُّوَيْرَةِ فَيَبِيعُهَا، حَتَّى بَاعَ الْبَوَارِيَ وَاللَّبِنَ، حَتَّى بَقِيَ فِي نِصْفِ سَقْفٍ.
قَالَ عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ الْحَلَبِيُّ: عَاشَ داود الطائي عشرين سنة بثلاث مائة دِرْهَمٍ.
وَقِيلَ: مَرِضَ دَاوُدُ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ خَرَجْتَ إِلَى الرَّوْحِ تُفْرِحُ قَلْبَكَ، قَالَ: إِنِّي لأَسْتَحِي مِنْ نَفْسِي أَنْ أَنْقِلَ قَدَمِي إِلَى مَا فِيهِ رَاحَةٌ لِبَدَنِي.
وَيُقَالُ: عُوتِبَ فِي التَّزْوِيجِ فَقَالَ: كَيْفَ بِقَلْبٍ ضَعِيفٍ لا يَقْوَى بهمه يجتمع عَلَيْهِ هَمَّانِ؟!.
قَالَ إِسْحَاقُ السَّلُولِيُّ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ سَعِيدٍ قَالَتْ: كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ دَاوُدَ الطَّائِيِّ جِدَارٌ قَصِيرٌ، وَكُنْتُ أَسْمَعُ حَنِينَهُ عَامَّةَ اللَّيْلِ لا يَهْدَأُ، فَمِمَّا سَمِعْتُهُ -[360]- يقول: اللهم همك عطل علي الهموم، وحالف بَيْنِي وَبَيْنَ السُّهَادِ، وَشَوَّقَنِي إِلَى النَّظَرِ إِلَيْكَ، وَمَنَعَ مِنِّي الشَّهَوَاتِ، فَأَنَا فِي سِجْنِكَ أَيُّهَا الكريم مطلوب. وربما ترنم بالسحر بالقرآن، فأرى أن نعيم الدنيا جميعه جمع في ترنمه تلك الساعة، وكان يكون في الظلمة لا يسرج عليه.
وَعَنْ سَنْدَوَيْهِ قَالَ: قِيلَ لِدَاوُدَ الطَّائِيِّ: أَرَأَيْتَ مَنْ دَخَلَ عَلَى الأُمَرَاءِ فَأَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ؟ قَالَ: أَخَافُ عَلَيْهِ السَّوْطَ، قَالَ: إِنَّهُ يَقْوَى، قَالَ: أخاف عليه السيف، قال: إنه يقوى، أَخَافُ عَلَيْهِ الدَّاءَ الدَّفِينَ، الْعُجْبَ.
رَوْحُ بْنُ الفرج: حدثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ: أَصْبَحَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ جَالِسًا عَلَى بَابِ دَارِهِ، فَأَتَاهُ جِيرَانُهُ فَقَالُوا: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ، مَا بَدَا لَكَ الْيَوْمَ فِي الْجُلُوسِ هُنَا؟ قَالَ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ، فَجَلَسْتُ لأُصْلَحَ مِنْ أَمْرِهَا، فَأَعَانُوهُ عَلَى دَفْنِهَا، وَتَرَكَتْ لَهُ جَارِيَةً بَاعَهَا بِعِشْرِينَ دِينَارًا.
وَيُقَالُ: إِنَّ ابْنَ قَحْطَبَةَ الأَمِيرَ أَحَبَّ أَنْ يَصِلَ دَاوُدَ الطَّائِيَّ، فَكَلَّمَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يَحْمِلَ إِلَيْهِ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالَ: لا يَقْبَلُهَا، قَالَ: تَلَطَّفْ، فَجَاءَ دَاوُدَ فَكَلَّمَهُ، وَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْحَسَنِ بْنِ قَحْطَبَةَ مِنَ القرابة، وقد أَحَبَّ أَنْ يَصِلَكَ فَغَضِبَ، وَقَالَ: لَوْ غَيْرُكَ فَعَلَ هَذَا مَا كَلَّمْتُهُ أَبَدًا، قُلْ لَهُ يَرُدُّهَا عَلَى أَهْلِهَا، فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا.
وَرَوَى شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، وَغَيْرُهُ: أَنَّ دَاوُدَ الطَّائِيَّ قِيلَ لَهُ: أَلا تُسَرِّحُ لِحْيَتَكَ، وَكَانَتْ مُفَتَّلَةً، قال: إني عنها لمشغول.
محمد بن شجاع الثلجي: أخبرنا الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: أَتَيْتُ أَنَا وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي حَنِيفَةَ دَاوُدَ الطَّائِيَّ، وَبَلَغَهُ عَنْهُ فاقة، فأخرج له أربع مائة دِرْهَمٍ، وَتَلَطَّفَ بِهِ، فَقَالَ: مَا لِي إِلَيْهَا حَاجَةٌ، وَلَوْ قَبِلْتُ شَيْئًا لَقَبِلْتُهَا.
أَبُو دَاوُدَ الْحَفْرِيُّ، قَالَ لِي دَاوُدُ الطَّائِيُّ: أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْتِينَا إِذْ كُنَّا ثَمَّ؟ مَا أُحِبُّ أَنْ تأتيني.
وقال محمد بن بشر العبدي: جاءنا داود الطائي فِي قُبَاءَ أَصْفَرَ، فَكُنَّا نَضْحَكُ مِنْهُ، فَوَاللَّهِ مَا مَاتَ حَتَّى سَادَنَا. -[361]-
أَخْبَرَنَا نَصْرُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّالِحِيُّ سَنَةَ اثنتين وتسعين وست مائة، قال: أخبرنا أَبُو مُوسَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْغَنِيِّ، قال: أخبرنا خليل بن بدر الرازي، قال: أخبرنا أبو علي المقرئ، قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ، قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال: حدثنا أحمد بن شعيب النسائي، قال: حدثنا محمد بن رافع، قال: حدثنا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ، عَنْ دَاوُدَ الطَّائِيِّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلا شَاةً، وَلا بَعِيرًا، وَلا أَوْصَى ".
قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجُوهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَدَاوُدُ صَدُوقٌ في الحديث، وقد كانت جنازته مشهودة.
قَالَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْجُعْفِيُّ: اشْتَكَى دَاوُدُ الطَّائِيُّ، وَكَانَ سَبَبُ عِلَّتِهِ أَنَّهُ مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا ذِكْرُ النَّارِ فَكَرَّرَهَا فَأَصْبَحَ مَرِيضًا، فَوَجَدُوهُ قد مَاتَ وَرَأْسُهُ عَلَى لَبِنَةٍ، فَفَتَحُوا بَابَ الدَّارِ، وَدَخَلَ نَاسٌ مِنْ إِخْوَانِهِ وَجِيرَانِهِ، وَمَعَهُمُ ابْنُ السَّمَّاكِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى رَأْسِهِ قَالَ: يَا دَاوُدُ فَضَحْتَ الْقُرَّاءَ فَلَمَّا حَمَلُوهُ إِلَى قَبْرِهِ شَيَّعَهُ خَلْقٌ حَتَّى خَرَجَ ذَوَاتُ الْخُدُورِ، فَقَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ: يَا دَاوُدُ سَجَنْتَ نَفْسَكَ قَبْلَ أَنْ تُسْجَنَ، وَحَاسَبْتَهَا قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبَ، الْيَوْمَ تَرَى ثَوَابَ مَا كُنْتَ تَرْجُو، وَلَهُ كُنْتَ تَنْصَبُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: اللَّهُمَّ لا تَكِلْهُ إِلَى عَمَلِهِ، فَأَعْجَبَ النَّاسَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: بَلَغَنِي أَنَّ دَاوُدَ الطَّائِيَّ لَمَّا دُفِنَ، أخذ الناس يثنون عليه، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ: اللَّهُمَّ لا تَكِلْهُ إِلَى عَمَلِهِ.
قَالَ أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْوَابِشِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّاسَ هَا هُنَا بَاتُوا ثَلاثَ لَيَالٍ مَخَافَةَ أَنْ تَفُوتَهُمْ جِنَازَةُ دَاوُدَ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ -[362]- كُلَّهُمْ يَبْكُونَ، مَا شَبَّهْتُهُ إِلا بِيَوْمِ الْخُرُوجِ.
قال الدورقي: وحدثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: شَهِدْتُ جِنَازَةَ دَاوُدَ الطَّائِيِّ، وَحَضَرْتُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَمَا رَأَيْتُ أَشَدَّ نزعا منه، أتيناه من العشي ونحن نَسْمَعُ نَزْعَهُ قَبْلَ أَنْ نَدْخُلَ، ثُمَّ غَدَوْنَا عَلَيْهِ وَهُوَ بَعْدُ فِي النَّزْعِ، فَلَمْ نَبْرَحْ حتى مات.
قال: وحدثنا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: حُمِلَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ عَلَى سَرِيرَيْنِ أَوْ ثَلاثَةٍ، تَكَسَّرَ مِنْ زِحَامِ النَّاسِ عَلَيْهِ، فَيُغَيَّرُ السَّرِيرُ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ كَذَا كَذَا مَرَّةٍ، وَحَضَرْتُ جِنَازَتَهُ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الواحد بن أحمد الكاغدي، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: حدثنا محمد بن الفتح الحنبلي، قال: حدثنا ابن صاعد، قال: حدثنا أحمد بن المقدام، قال: حدثنا ابن علية، قال: حدثنا دَاوُدُ الطَّائِيُّ، عَنْ عَبْد الْمَلِكِ بْنِ عُمَير، عَن جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: وَقَعَ أُنَاسٌ من أهل الكُوفَةِ فِي سَعْدٍ عِنْدَ عُمَرَ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا يُحْسِنُ أَنْ يُصَلِّيَ، فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي صَلاةُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلا أَخْرِمُ عَنْهَا أَرْكُدُ فِي الأُولَيَيْنِ، وَأَحْذِفُ فِي الأُخْرَيَيْنِ، قَالَ: ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ أَبَا إِسْحَاقَ، رَوَاهُ شُعْبَةُ وَالنَّاسُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ.
مَاتَ دَاوُدُ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ - سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ: خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ.
وَمَا يُذْكَرُ مِنْ قِصَّةِ لِبْسِ الْخِرْقَةِ، وَأَنَّ دَاوُدَ الطائي صحب حبيبا العجمي فخطأ بين، لَمْ يَصْحَبْهُ، وَلا عَرَفْنَا لِدَاوُدَ رَوَاحًا إِلَى الْبَصْرَةِ، وَلا لِحَبِيبٍ قُدُومًا إِلَى الْكُوفَةِ، ثُمَّ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: إِنَّ مَعْرُوفًا الْكَرْخِيَّ -[363]- أَخَذَهَا مِنْ دَاوُدَ، فَمَا عَلِمْنَا أَنَّ دَاوُدَ ومعروفا اجتمعا ولا التقيا، والله أعلم.

نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت بشار نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 4  صفحه : 357
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست