responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت بشار نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 3  صفحه : 910
256 - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُقَفَّعِ. [الوفاة: 141 - 150 ه]
أَحَدُ الْمَشْهُورِينَ بِالْكِتَابَةِ وَالْبَلاغَةِ وَالتَّرَسُّلِ وَالْبَرَاعَةِ، وَكَانَ فَارِسِيًّا مَجُوسِيًّا فَأَسْلَمَ عَلَى يَدِ عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ عَمِّ السَّفَّاحِ وَهُوَ كَهْلٌ، ثُمَّ كَتَبَ لَهُ وَاخْتَصَّ بِهِ.
وَمِنْ كَلامِ ابْنِ الْمُقَفَّعِ قَالَ: شَرِبْتُ مِنَ الْخُطَبِ رَيًّا، وَلَمْ أَضْبُطْ لَهَا رَوِيًّا، فَغَاضَتْ ثُمَّ فَاضَتْ، فَلا هِيَ هِيَ نِظَامًا، وَلا هِيَ غَيْرُهَا كَلامًا.
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: صَنَّفَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ " الدُّرَّةَ الْيَتِيمَةَ " الَّتِي لَمْ يُصَنَّفْ مِثْلُهَا فِي فَنِّهَا، وَقَدْ سُئِلَ: مَنْ أَدَّبَكَ؟ قَالَ: نَفْسِي، كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ مِنْ غَيْرِي حُسْنًا أَتَيْتُهُ، وَإِذَا رَأَيْتُ قَبِيحًا أَبَيْتُهُ.
وَيُقَالُ: كَانَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ عِلْمُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَقْلِهِ، وَهُوَ الَّذِي وَضَعَ كِتَابَ " كَلِيلَةَ وَدِمْنَةَ " فِيمَا قِيلَ، وَالأَصَحُّ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي عَرَّبَهُ مِنَ الْفَارِسِيَّةِ.
قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: جَاءَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ إِلَى عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ، فَقَالَ: أُرِيدُ أَنْ أُسْلِمَ عَلَى يَدِكَ، فَقَالَ: لِيَكُنْ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ وُجُوهِ النَّاسِ غَدًا، ثُمَّ جَلَسَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ وَهُوَ يَأْكُلُ وَيُزَمْزِمُ عَلَى دِينِ الْمَجُوسِيَّةِ، فَقَالَ لَهُ عِيسَى: أَتُزَمْزِمُ وَأَنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُسْلِمَ؟ قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أَبِيتَ عَلَى غَيْرِ دِينٍ.
وَكَانَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ يُتَّهَمُ بِالزَّنْدَقَةِ.
وَعَنِ الْمَهْدِيِّ قَالَ: مَا وَجَدْتُ كِتَابَ زَنْدَقَةٍ إِلا وَأَصْلُهُ ابْنُ الْمُقَفَّعِ.
وَقِيلَ: إِنَّ ابْنَ الْمُقَفَّعِ كَانَ يَنَالُ مِنْ مُتَوَلِّي الْبَصْرَةِ سُفْيَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ وَيُسَمِّيهِ ابْنَ الْمُغْتَلِمَةِ، فَحَنَقَ عَلَيْهِ وَقَتَلَهُ بِإِذْنِ الْمَنْصُورِ، -[911]- وَلِكَوْنِهِ كَتَبَ فِي تَوَثُّقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ مِنَ الْمَنْصُورِ يَقُولُ: وَمَتَى غَدَرَ بِعَمِّهِ فَنِسَاؤُهُ طَوَالِقُ، وَعَبِيدُهُ أَحْرَارٌ، وَدَوَابُّهُ حُبُسٌ، وَالْمُسْلِمُونَ فِي حِلٍّ مِنْ بَيْعَتِهِ، فَلَمَّا وَقَفَ الْمَنْصُورُ عَلَى ذَلِكَ عَظُمَ عَلَيْهِ وَكَتَبَ إِلَى سُفْيَانَ يأمره بقتله.
قال الْمَدَائِنِيُّ: دَخَلَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ عَلَى سُفْيَانَ وَقَالَ: أَتَذْكُرُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي أُمِّي؟ قَالَ: أُنْشِدُكَ اللَّهَ أَيُّهَا الأَمِيرُ فِي نَفْسِي، فَأَمَرَ له بتنور فَسُجِّرَ، ثُمَّ قَطَّعَ أَرْبَعَتَهُ، ثُمَّ سَائِرَ أَعْضَائِهِ وَأَلْقَاهَا فِي التَّنُّورِ وَهُوَ يَنْظُرُ، وَقَالَ: لَيْسَ عَلَيَّ فِي الْمُثْلَةِ بِكَ حَرَجٌ لِأَنَّكَ زِنْدِيقٌ قَدْ أَفْسَدْتَ النَّاسَ، فَسَأَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ وَعِيسَى عَنْهُ فَقِيلَ: إِنَّهُ دَخَلَ دَارَ سُفْيَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ سَلِيمًا وَلَمْ يَخْرُجْ، فَخَاصَمَاهُ إِلَى الْمَنْصُورِ وَأَحْضَرَاهُ مُقَيَّدًا فَشَهِدَ شُهُودٌ بِالْحَالِ، فَقَالَ الْمَنْصُورُ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ سُفْيَانَ، فَخَرَجَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ مِنْ هَذَا الْمَجْلِسِ أَأَقْتُلُكُمْ بِسُفْيَانَ؟ فَنَكَلُوا عَنِ الشَّهَادَةِ كُلُّهُمْ وَعَلِمُوا أَنَّهُ قَتَلَهُ بِرِضَا الْمَنْصُورِ.
وَيُقَالُ: إِنَّ ابْنَ الْمُقَفَّعِ عَاشَ سِتًّا وَثَلاثِينَ سَنَةً.
وَحَكَى الْبَلاذْرِيُّ أَنَّ سُفْيَانَ أَلْقَاهُ فِي بِئْرٍ.
وَقِيلَ: أَدْخَلَهُ حَمَّامًا وَأَغْلَقَهُ عَلَيْهِ.
وَقِيلَ: إِنَّ قَتْلَهُ كَانَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ.
وَقِيلَ: فِي نَحْوِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ.
وَكَانَ اسْمُ أَبِيهِ دَاذَوَيْهِ، وَكَانَ كَاتِبًا، وَلِيَ لِلْحَجَّاجِ خَرَاجَ فَارِسٍ فَخَانَ، وَأَخَذَ مِنَ الأَمْوَالِ فَعَذَّبَهُ الْحَجَّاجُ فَتَقَفَّعَتْ يَدُهُ فَلُقِّبَ الْمُقَفَّعَ.
وَقِيلَ: بَلِ الَّذِي عَذَّبَهُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الثقفي الأمير.
والمقفع: بفتح الفاء على الصَّحِيحُ.
وَقَالَ ابْنُ مَكِّيٍّ فِي كِتَابِ " تَثْقِيفِ اللِّسَانِ ": يَقُولُونَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ، وَالصَّوَابُ بِكَسْرِ الْفَاءِ لِأَنَّهُ كَانَ يَعْمَلُ الْقِفَاعَ وَيَبِيعُهَا وَهِيَ قِفَافُ الْخُوصِ.

نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت بشار نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 3  صفحه : 910
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست