responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت بشار نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 3  صفحه : 883
199 - سُلَيْمَانُ بْنُ الْقَاسِمِ الثَّقَفِيُّ. [الوفاة: 141 - 150 ه]
كُوفِيٌّ صَدُوقٌ.
رَوَى عَنْ: أُمِّهِ زَيْنَبَ، وَعَنِ الشَّعْبِيِّ.
وَعَنْهُ: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، وَوَكِيعٌ، وَالْخُرَيْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ.

200 - ع: سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ الأَعْمَشُ، الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ مَوْلاهُمُ، الْكَاهِلِيُّ الْكُوفِيُّ الْحَافِظُ الْمُقْرِئُ، [الوفاة: 141 - 150 ه]
أَحَدُ الأَئِمَّةِ الأَعْلامِ.
يُقَالُ: وُلِدَ بِقَرْيَةٍ مِنْ عَمَلِ طَبَرِسْتَانَ يُقَالُ لَهَا: أَمَهٌ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ، وَقَدْ رَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَرَآهُ يُصَلِّي، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ، مَعَ أَنَّ أَنَسًا لَمَّا تُوُفِّيَ كَانَ لِلأَعْمَشِ نَيِّفٌ وَثَلاثُونَ سَنَةً، وَكَانَ يُمْكِنُهُ السَّمَاعُ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَقَدْ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، وَأَبِي وَائِلٍ، وَزَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، وَأَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، وَخَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ، وَمُجَاهِدٍ، وَأَبِي صَالِحٍ، وَسَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، وَأَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَهِلالِ بْنِ يَسَافٍ، وَيَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، وَأَبِي الضُّحَى، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَخَلْقٍ كَثِيرٍ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ.
حَدَّثَ عَنْهُ أُمَمٌ لا يُحْصَوْنَ؛ مِنْهُمُ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ - وَهُمَا مِنْ شُيُوخِهِ - وَشُعْبَةُ، وَالسُّفْيَانَانِ، وَجَرِيرُ بْنُ حازم، وجرير -[884]- ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَزَائِدَةُ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وَالْخُرَيْبِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، وَابْنُ فُضَيْلٍ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَيَحْيَى بْنُ عِيسَى الرَّمْلِيُّ، وَيَعْلَى بْنُ عبيد، وأبو نعيم.
قال ابن المديني: له نحو من ألف وثلاثمائة حديث.
وقال ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ الأَعْمَشُ أَقْرَأَهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ وَأَحْفَظَهُمْ لِلْحَدِيثِ وَأَعْلَمَهُمْ بِالْفَرَائِضِ.
وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ: كَانَ يُسَمَّى الْمُصَحِّفُ مِنْ صِدْقِهِ.
وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: هُوَ عَلامَةُ الإِسْلامِ.
وَقَالَ وَكِيعٌ: بَقِيَ الأَعْمَشُ قَرِيبًا مِنْ سَبْعِينَ سَنَةً لَمْ تَفُتْهُ التَّكْبِيرَةُ الأُولَى.
وَقَالَ الْخُرَيْبِيُّ: مَا خَلَفَ الأَعْمَشُ أَعْبَدَ مِنْهُ، وَكَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَاحِبَ سُنَّةٍ.
وَقَدْ قَرَأَ الأَعْمَشُ الْقُرْآنَ عَلَى يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَرَأَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ.
وَكَانَ مَعَ جَلالَتِهِ فِي الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ صَاحِبَ مُلَحٍ وَمُزَاحٍ؛ قِيلَ: إِنَّهُ جَاءَهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَوْمًا، فَخَرَجَ فَقَالَ: لَوْلا أَنَّ فِي مَنْزِلِي مَنْ هُوَ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْكُمْ مَا خَرَجْتُ إِلَيْكُمْ. رَوَاهَا وَكِيعٌ عَنْهُ.
وَقَدْ سَأَلَهُ دَاوُدُ الْحَائِكُ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فِي الصَّلاةِ خَلْفَ الْحَائِكِ؟ فَقَالَ: لا بَأْسَ بِهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ. قِيلَ: فَمَا تَقُولُ فِي شَهَادَةِ الْحَائِكِ؟ قَالَ: تُقْبَلُ مَعَ عَدْلَيْنِ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَبَقَ الأَعْمَشُ أَصْحَابَهُ بِخِصَالٍ؛ كَانَ أَقْرَأَهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، وَأَحْفَظَهُمْ لِلْحَدِيثِ، وَأَعْلَمَهُمْ بِالْفَرَائِضِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: كَانَ ثِقَةً ثَبْتًا، كَانَ مُحَدِّثَ الْكُوفَةِ فِي زَمَانِهِ، وَيُقَالُ: ظَهَرَ لَهُ أَرْبَعَةُ آلافِ حَدِيثٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ، وَكَانَ -[885]- يُقْرِئُ الْقُرْآنَ، رَأْسًا فِيهِ، وَكَانَ فَصِيحًا، وَكَانَ أَبُوهُ مِهْرَانُ مِنْ سَبْيِ الدَّيْلَمِ. قَالَ: وَكَانَ الأعمش عسراً سيئ الْخُلُقِ، وَكَانَ لا يَلْحَنُ حَرْفًا، وَكَانَ عَالِمًا بِالْفَرَائِضِ. قَالَ: وَكَانَ فِيهِ تَشَيُّعٌ.
كَذَا قَالَ، وليس هذا بصحيح عنه؛ كَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ.
قَالَ: وَلَمْ يَخْتِمْ عَلَيْهِ إِلا ثَلاثَةُ أَنْفُسٍ؛ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ وَكَانَ أَسَنَّ مِنْهُ وَأَفْضَلَ، وَأَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ مَعْنٍ.
قُلْتُ: وَقَرَأَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرْنَا الزَّيَّاتُ.
وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: لَمْ نَرَ نَحْنُ مِثْلَ الأَعْمَشِ، وَمَا رَأَيْتُ الأَغْنِيَاءَ أَحْقَرَ مِنْهُمْ عِنْدَهُ مَعَ فَقْرِهِ وَحَاجَتِهِ.
وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ عَثَّامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قِيلَ للأعمش: أَلا تَمُوتُ فَنُحَدِّثُ عَنْكَ. فَقَالَ: كَمْ مِنْ حُبِّ أَصْبَهَانِيٍّ قَدِ انْكَسَرَ عَلَى رَأْسِهِ كِيزَانٌ كثيرة.
وقد جاء أن الأعمش قرأ عن زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَزِرٍّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَأَنَّهُ عَرَضَ أَيْضًا عَلَى أَبِي الْعَالِيَةِ وَجَمَاعَةٍ.
وَأَخْبَرَنَا بِيبَرْسُ التُّرْكِيُّ بِحَلَبٍ وَأَيُّوبُ الأَسَدِيُّ بِدِمَشْقَ، قَالا: أخبرنا محمد بن سعيد ببغداد قال: أخبرنا أحمد بن المقرب قال: أخبرنا طراد قال: أخبرنا علي العيسوي قال: أخبرنا محمد بن عمرو الرزاز قال: حدثنا العطاردي قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ بَالَ فَغَسَلَ ذَكَرَهُ غُسْلا شَدِيدًا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ فَصَلَّى بِنَا وَحَدَّثَنَا فَجَاءَ بَيْتَهُ. هَذَا حَدِيثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ.
وَرَوَى أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ قَالَ: أَعْطَيْتُ امْرَأَةَ الأَعْمَشِ خِمَارًا، فَكُنْتُ إِذَا جِئْتُ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَأَخْرَجْتُهُ إِلَيَّ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، قَالَ: مَا هِيَ؟ قُلْتُ: إِنْ لَمْ تَقْضِهَا فَلا تَغْضَبْ عَلَيَّ. قَالَ: لَيْسَ قَلْبِي فِي يَدِي، قُلْتُ: أَمْلِ عَلَيَّ، قَالَ: لا أَفْعَلُ.
وَقَالَ عَلَيُّ بْنُ سَعِيدٍ النَّسَوِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يقول: منصور -[886]- أَثْبَتُ أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَفِي حَدِيثِ الأَعْمَشِ اضْطِرَابٌ كثير.
وذكر أبو بكر ابن الْبَاغَنْدِيِّ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّه، أيّما أَثْبَتُ فِي الْحَدِيثِ؛ مَنْصُورٌ أَوِ الأَعْمَشُ؟ فَقَالَ: مَنْصُورٌ مَنْصُورٌ.
وَقَالَ وَكِيعٌ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُ: لَوْلا الشُّهْرَةَ لَصَلَّيْتُ الْفَجْرَ ثُمَّ تَسَحَّرْتُ.
قُلْتُ: هَذَا كَانَ مَذْهَبُ الأَعْمَشِ، وَهُوَ عَلَى الَّذِي رَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ هُوَ النَّهَارُ إِلا أَنَّ الشَّمْسَ لَم تَطْلُعْ.
وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: أَرْسَلَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ الْهَاشِمِيُّ أَمِيرُ الْكُوفَةِ إِلَى الأَعْمَشِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَصَحِيفَةٍ لِيَكْتُبَ لَهُ فِيهَا حَدِيثًا، فَكَتَبَ فِيهَا: " بِسْمِ الله الرحمن الرحيم، والله الصَّمَدُ " إِلَى آخِرِهَا، ثُمَّ وَجَّهَ بِهَا إِلَيْهِ، فبعث إليه: يا ابن الْفَاعِلَةِ، أَظَنَنْتَ أَنِّي لا أُحْسِنُ كِتَابَ اللَّهِ! فَبَعَثَ إِلَيْهِ: وَظَنَنْتَ أَنِّي أَبِيعُ الْحَدِيثَ!
وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: أَتَى الأَعْمَشَ أَضْيَافٌ، فَأَخْرَجَ إِلَيْهِمْ رَغِيفَيْنِ فَأَكَلُوهُمَا، فَدَخَلَ فَأَخْرَجَ لَهُمْ نِصْفَ حَبْلٍ مِنْ قَتٍّ، فَوَضَعَهُ عَلَى الْخُوَانِ وَقَالَ: أَكَلْتُمْ قُوتُنَا، فَهَذَا قُوتُ شَاتِي فَكُلُوهُ.
قَالَ عِيسَى: وَخَرَجْنَا فِي جِنَازَةٍ وَرَجُلٌ يَقُود الأَعْمَشُ، فَلَمَّا رَجَعْنَا عَدَلَ بِهِ، فَلَمَّا أَصْحَرَ بِهِ قَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ أَنْتَ؟ فِي جَبَّانَةِ كَذَا وَكَذَا، وَلا أَرُدُّكَ حَتَّى تَمْلأَ أَلْوَاحِي حَدِيثًا. قَالَ: اكْتُبْ، فَلَمَّا مَلأَ الأَلْوَاحَ رَدَّهُ، فَلَمَّا دَخَلَ الْكُوفَةَ دَفَعَ أَلْوَاحَهُ لِإِنْسَانٍ، فَلَمَّا انْتَهَى الأَعْمَشُ إِلَى بَابِهِ تَعَلَّقَ بِهِ وَقَالَ: خُذُوا الأَلْوَاحَ مِنَ الْفَاسِقِ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، قَدْ فَاتَ. فَلَمَّا أَيِسَ مِنْهُ قَالَ: كُلُّ مَا حَدَّثْتُكَ بِهِ كَذِبٌ، قَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ تَكْذِبَ.
وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: قُلْتُ لِلأَعْمَشِ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَا يَمْنَعُكَ مِنْ أَخْذِ شَعْرِكَ؟ قَالَ: كَثْرَةُ فُضُولِ الْحَجَّامِينَ. قُلْتُ: فَإِنِّي أَجِيئُكَ بِحَجَّامٍ لا يُكَلِّمُكَ -[887]- حَتَّى يَفْرُغَ. قَالَ: فَأَتَيْتُ جُنَيْدًا الْحَجَّامَ وَكَانَ مُحَدِّثًا، فَأَوْصَيْتُهُ فَقَالَ: نَعَمْ. فَلَمَّا أَخَذَ نِصْفَ شَعْرِهِ قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، كَيْفَ حَدِيثُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ؟ قَالَ: فَصَاحَ الأَعْمَشُ صَيْحَةً وَقَامَ يَعْدُو، وَبَقِيَ نِصْفُ شَعْرِهِ أَيَّامًا غَيْرَ مَجْزُوزٍ. رَوَاهَا عَلِيُّ بْنُ خُشْرُمٍ عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ.
وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: خَرَجَ الأَعْمَشُ فَإِذَا بِجُنْدِيٍّ فَسَخَّرَهُ لِيَعْبُرَ بِهِ نَهْرًا، فَلَمَّا رَكِبَ الأَعْمَشُ قَالَ: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} فَلَمَّا تَوَسَّطَ بِهِ الأَعْمَشُ فِي الْمَاءِ قَالَ: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ}، ثُمَّ رَمَى بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: رَأَيْتُ الأَعَمَشَ لَبِسَ فَرْوًا مَقْلُوبًا وَبَتًّا تَسِيلُ خُيُوطُهُ عَلَى رِجْلَيْهِ، فَقَالَ: لَوْلا أَنِّي تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ مَا كَانَ يَأْتِينِي أَحَدٌ، وَلَوْ كُنْتُ بَقَّالا كَانَ يَقْذِرُنِي النَّاسُ أَنْ يَشْتَرُوا مِنِّي.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ: جَاءَ رَجُلٌ نَبِيلٌ كَبِيرُ اللِّحْيَةِ إِلَى الأَعْمَشِ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ خَفِيفَةٍ مِنَ الصَّلاةِ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا الأَعْمَشُ فَقَالَ: انظروا إليه، لحيته تحتمل حِفْظَ أَرْبَعَةِ آلافِ حَدِيثٍ وَمَسْأَلَتُهُ مَسْأَلَةُ صِبْيَانِ الكتاب.
وقال يَحْيَى الْقَطَّانُ: كَانَ الأَعْمَشُ مِنَ النُّسَّاكِ، وَكَانَ مُحَافِظًا عَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ.
وَقَالَ عِيسَى بْنُ جعفر: حدثنا أحمد بن داود الحراني قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُ: كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَمُرُّ بِي طَرَفي النَّهَارِ فَأَقُولُ: لا أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ جِئْتُ إِلَى الْحَجَّاجِ حَتَّى وَلاكَ، قَالَ: ثُمَّ نَدِمْتُ فَصِرْتُ أَرْوِي عَنْ رجل عنه. رَوَاهَا أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا بِالإِسْنَادِ أَنَّهُ صَلَّى خَلَفَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَدَخَلَ إِلَيْهِ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ: سَمِعَ الأعمش من عبد الله بن أبي أوفى وأنس.
وقال مسدد: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا الأعمش قال: -[888]- رَأَيْتُ أَنَسًا يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَ صُلْبَهُ حَتَّى يَسْتَوِي بَطْنُهُ.
دَاوُدُ بْنُ مِخْرَاقٍ وَمُعَاذُ بْنُ أسد قالا: حدثنا الفضل بن موسى قال: حدثنا الأَعْمَشُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَمَرَّ عَلَى شَجَرَةٍ يَابِسَةٍ فَضَرَبَهَا بِعَصًا فَتَنَاثَرَ الْوَرَقُ، فَقَالَ: " إِنَّ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ يُسَاقِطْنَ الذُّنُوبَ كَمَا تُسَاقِطُ هَذِهِ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا ".
وَلِلأَعْمَشِ عَنْ أَنَسٍ أَحَادِيثَ سَاقَهَا صَاحِبُ الْحِلْيَةِ، لَكِنَّ الأَعْمَشَ مُدَلِّسٌ، فَقَالَ فِيهَا: " عَنْ "، فَلا تُحْمَلُ عَلَى الاتِّصَالِ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الأَعْمَشَ وُلِدَ بِطَبَرِسْتَانَ وَقَدِمَتْ بِهِ أُمُّهُ طِفْلا، وَيُقَالُ: حَمْلا إِلَى الْكُوفَةِ، وَمَاتَ بِهَا فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَلَهُ سَبْعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً.
وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيهِ بِإِجَازَةٍ.

نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت بشار نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 3  صفحه : 883
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست