responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت بشار نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 3  صفحه : 571
381 - يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الثَّقَفِيُّ الأَمِيرُ [الوفاة: 121 - 130 ه]
وَلِيَ الْيَمَنَ لِهِشَامٍ، ثُمَّ نَقَلَهُ إِلَى إمرة العراقين، فأقره الوليد وَأَضَافَ إِلَيْهِ إِمْرَةَ خُرَاسَانَ، وَكَانَ مَهِيبًا جَبَّارًا ظَلُومًا.
ذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ أَنَّ سِمَاطَ يُوسُفَ بِالْعِرَاقِ كان كل يوم خمس مائة مائدة، وكانت مائدته وأقصى الموائد سواء، يتعمد ذَلِكَ ويُنَوِّعُهُ.
وَرَوَيْنَا أَنَّهُ ضَرَبَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ فِي إِمَارَتِهِ عَلَى الْيَمَنِ حَتَّى هَلَكَ تَحْتَ الضَّرْبِ. وَلَمَّا قُتِلَ الْوَلِيدُ عُزِلَ يُوسُف، ثُمَّ قُتِلَ.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: لَمَّا هَلَكَ الْحَجَّاجُ أَخَذُوا يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ فِي آلِ الْحَجَّاجِ لِيُعَذَّبَ وَيُطْلَبَ مِنْهُ الْمَالُ، فَقَالَ: أَخْرِجُونِي أسأل فدفع إلى الْحَارِثِ الْجَهْضَمِيُّ - وَكَانَ مُغَفَّلا - فَانْتَهَى إِلَى دَارٍ لَهَا بَابَانِ، فَقَالَ لَهُ يُوسُفُ: دَعْنِي أَدْخُلُ إِلَى عَمَّتِي أَسْأَلُهَا فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ وَهَرَبَ، وَذَلِكَ فِي خِلافَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ.
وَقَالَ خَلِيفَةُ: وَلِيَ يُوسُفُ الْيَمَنَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَمِائَةٍ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَيْهَا حَتَّى كُتِبَ إِلَيْهِ بِوِلايَتِهِ عَلَى الْعِرَاقِ فَاسْتَخْلَفَ ابْنَهُ الصَّلْتَ وَسَارَ.
قَالَ اللَّيْثُ: فِي سَنَةِ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ نُزِعَ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ عَنِ الْعِرَاقِ، وَأُمِّرَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ.
وَرَوَى بِشْرُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ازْدَحَمَ النَّاسُ عَشِيَّةً فِي دَارِ يُوسُفَ عَلَى الطَّعَامِ، فَدَفَعَ رَجُلٌ مِنَ الْجُنْدِ رَجُلا بِقَائِمِ سَيْفِهِ فَرَآهُ يُوسُفُ، فَدَعَا بِهِ، فضربه مائتين، وقال: يا ابن اللَّخْنَاءِ أَتَدْفَعُ النَّاسَ عَنْ طَعَامِي؟
وَحَكَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ أَنَّ يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ وَزَنَ دِرْهَمًا فَنَقَصَ حَبَّةً فَكَتَبَ إِلَى دُورِ الضَّرْبِ بِالْعِرَاقِ فَضَرَبَ أَهْلَهَا فَأَحْصَى فِي تِلْكَ الْحَبَّةِ مِائَةَ أَلْفِ سَوْطٍ ضَرَبَهَا.
وَقِيلَ: كَانَ يُضْرَبُ الْمَثَلُ بِحُمْقِهِ وَتِيهِهِ حَتَّى كَانُوا يَقُولُونَ: أَحْمَقُ مِنْ أَحْمَقِ ثَقِيفٍ، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ حَجَّامًا أَرَادَ أَنْ يَحْجِمَهُ فَارْتَعَدَ، فَقَالَ لِحَاجِبِهِ: -[572]-
قُلْ لِهَذَا الْبَائِسِ لا تَخَفْ، وَمَا رَضِيَ أَنْ يَقُولَ لَهُ بِنَفْسِهِ.
وَلَمَّا اسْتُخْلِفَ الْوَلِيدُ الْفَاسِقُ هَمَّ بِعَزْلِ يُوسُفَ وَبِتَوْلِيَةِ ابْنِ عَمِّهِ عبد الملك ابن مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ الثَّقَفِيِّ، وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَوَالِدَةُ الْوَلِيدِ ابْنَيْ عَمٍّ، فَسَارَ يُوسُفُ إِلَى الْوَلِيدِ وَقَدَّمَ لَهُ أَمْوَالا عَظِيمَةً وَتُحَفًا، وَكَانَ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ مَسْجُونًا فِي سِجْنِ الْوَلِيدِ، فَقَرَّرَ مَعَ أَبَانِ النَّمَرِيِّ أَنْ يَشْتَرِيَ خَالِدًا الْقِسْرِيَّ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ الْوَلِيدُ لِيُوسُفَ: ارْجَعْ إِلَى عَمِّكَ، فَقَالَ أَبَانُ لِلْوَلِيدِ: اعْطِنِي خَالِدًا وَأَدْفَعُ إِلَيْكَ أَرْبَعِينَ أَلْفَ أَلْفٍ، قَالَ: وَمَنْ يَضْمَنُ هَذَا الْمَالُ عَنْكَ؟ قَالَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ: أَنَا، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ فَحَمَلَهُ فِي مَحْمَلٍ بِغَيْرِ وِطَاءٍ وَقَدِمَ بِهِ إِلَى الْعِرَاقِ فَأَهْلَكَهُ تَحْتَ الْعَذَابِ وَالْمُصَادَرَةِ، وَطَلَبَ مِنْهُ أُلُوفًا لا تُحْصَى. ثُمَّ اقْتَصَّ مِنْ يُوسُفَ يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ بِأَبِيهِ وَقَتَلَهُ، ثُمَّ قَتَلَ يَزِيدَ بْنَ خَالِدٍ حِينَ تَمَلَّكَ مَرْوَانُ الحمار.
قال وهب بن جرير: حدثنا حيان بن زهير، قال: حدثنا أَبُو الصَّيْدَاءِ صَالِحُ بْنُ طَرِيفٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الْعِرَاقَ أَتَانَا خَبَرَهُ بِخُرَاسَانَ، قَالَ: فَبَكَى أَبُو الصَّيْدَاءِ، وَقَالَ: هَذَا الْخَبِيثُ شَهِدْتُهُ ضَرَبَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ حَتَّى قَتَلَهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: يُقَالُ: إِنَّ يَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ لَمَّا وُلِّيَ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ هَذَا الْفَاسِقَ يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ قَدْ صَارَ إِلَى الْبَلْقَاءِ فَاطْلُبُوهُ، قَالَ: فَلَمْ يُوجَدْ، فَتَهَدَّدُوا ابْنَهُ، فَقَالَ: أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَيْهِ، إِنَّهُ انْطَلَقَ إِلَى مَزْرَعَةٍ لَهُ، فَسَارَ إِلَيْهِ خَمْسُونَ فَارِسًا، فَإِذَا بِهِ انْمَلَسَ وَاخْتَفَى، فَإِذَا نِسْوَةٌ أَلْقَيْنَ عَلَيْهِ قَطِيفَةً وَجَلَسْنَ عَلَى حَوَاشِيهَا، فَجَرُّوا بِرِجْلِهِ فَأَتَوْا بِهِ، وَكَانَ عَظِيمَ اللِّحْيَةِ فَأَخَذَ حَرَسِيٌّ بِلِحْيَتِهِ فَهَزَّهَا وَنَتَفَ مِنْهَا، وَكَانَ قَصِيرًا فَأُدْخِلَ عَلَى يَزِيدَ فَقَبَضَ يُوسُفُ عَلَى لِحْيَتِهِ، وَإِنَّهَا لَتَجُوزُ سُرَّتَهُ، وَجَعَلَ يَقُولُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَتَفَ - وَاللَّهِ - لِحْيَتِي، فَسَجَنَهُ فِي الْخَضْرَاءِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ فَقَالَ: أَمَا تَخَافُ أَنْ يَطْلُعَ عَلَيْكَ بَعْضُ مَنْ قَدْ وَتَرْتَ فَيُلْقِي عَلَيْكَ حَجَرًا؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا فَطِنْتُ لِهَذَا، فَنَشَدْتُكَ اللَّهُ لَتَكَلَّمْتَ فِي تَحْوِيلِي، قال: فَأَخْبَرْتُ يَزِيدَ، فَقَالَ: مَا غَابَ عَنْكَ مِنْ حُمْقِهِ أَكْثَرُ وَمَا حَبَسْتُهُ إِلا لأُوَجِّهَ بِهِ إِلَى الْعِرَاقِ فَيُقَامُ -[573]- لِلنَّاسِ، وَتُؤْخَذُ الْمَظَالِمُ مِنْ مَالِهِ وَدَمِهِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: فَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، قال: حدثنا عبد الوهاب بن إبراهيم، قال: حدثنا أَبُو هَاشِمٍ قَالَ: أَرْسَلَ يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الْقَسْرِيُّ مَوْلًى لِأَبِيهِ يُكَنَّى أَبَا الأَسَدِ فِي عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَدَخَلَ السِّجْنَ، فَأَخْرَجَ يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ سبع وعشرين ومائة.
وكذا أَرَّخَ خَلِيفَةُ، وَقَالَ: وَلَهُ نَيِّفٌ وَسِتُّونَ سَنَةً. وَزَادَ ابْنُ خِلِّكَانَ وَغَيْرُهُ: إِنَّهُمْ رَمَوْا جُثَّتَهُ فَشَدَّ الصِّبْيَانُ فِي رِجْلِهِ حَبْلا وَجَرُّوهُ فِي شَوَارِعِ دِمَشْقَ، وَكَانَ دَمِيمًا فَمَرَّتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: مَا فَعَلَ هَذَا الصَّبِيُّ الْمِسْكِينُ حَتَّى قُتِلَ؟

نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت بشار نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 3  صفحه : 571
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست