responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت بشار نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 385
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

- (الحَوَادِثُ)

-ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ
وَيُسَمَّى عَامُ الجماعة لاجتماع الأمة فيه عَلَى خَلِيفَةٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ مُعَاوِيَةُ.
قَالَ خَلِيفَةُ: اجْتَمَعَ الْحَسَنُ بْنُ عَلَيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بِمَسْكَنٍ، وَهِيَ مِنْ أَرْضِ السَّوَادِ مِنْ نَاحِيَةِ الْأَنْبَارِ، فَاصْطَلَحَا وَسَلَّمَ الْحَسَنُ الْأَمْرَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَذَلِكَ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ أَوْ جُمَادَى الْأُولَى وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَدَخَلَ الْكُوفَةَ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ: سَارَ الْحَسَنُ فِي أَهْلِ الْعِرَاقِ يَطْلُبُ الشام، وأقبل معاوية فِي أَهْلِ الشَّامِ فَالْتَقَوْا، فَكَرِهَ الْحَسَنُ الْقِتَالَ، وبايع معاوية على أن يجعل الْعَهْدَ مِنْ بَعْدِهِ لِلْحَسَنِ، فَكَانَ أَصْحَابُ الْحَسَنِ يَقُولُونَ لَهُ: يَا عَارَ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَقُولُ: الْعَارُ خَيْرٌ مِنَ النَّارِ.
وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: بَايَعَ أَهْلُ الْكُوفَةِ الْحَسَنَ بَعْدَ أَبِيهِ، وَأَحَبُّوهُ أَكْثَرَ مِنْ أَبِيهِ.
وَعَن عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَارَ الْحَسَنُ حَتَّى نَزَلَ الْمَدَائِنَ، وَبَعَثَ قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَلَى الْمُقَدِّمَّةِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، فَبَيْنَا الْحَسَنُ بِالْمَدَائِنِ إِذْ نَادَى مُنَادٍ أَلَا إِنَّ قَيْسًا قَدْ قُتِلَ، فَاخْتَبَطَ النَّاسُ، وَانْتَهَبَ الْغَوْغَاءُ سُرَادِقَ الْحَسَنِ حَتَّى نَازَعُوُه بِسَاطًا تَحْتَهُ، وَطَعَنَهُ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ مِنْ بَنِي أَسَدٍ بِخِنْجَرٍ، فَوَثَبَ النَّاسُ على الرجل فقتلوه، لا رحمه الله، نزل الْحَسَنُ الْقَصْرَ الْأَبْيَضَ بِالْمَدَائِنِ، وَكَاتَبَ مُعَاوِيَةَ فِي الصُّلْحِ. وَقَالَ نَحْوَ هَذَا: أَبُو إِسْحَاقَ، وَالشَّعْبِيُّ.
وَرُوِيَ أَنَّهُ إِنَّمَا خَلَعَ نَفْسَهُ لِهَذَا، وَهُوَ أَنَّهُ قَامَ فِيهِمْ فَقَالَ: مَا ثَنَانَا عَنْ -[386]- أَهْلِ الشَّامِ شَكٌّ وَلَا زَيْغٌ، لَكِنْ كُنْتُمْ فِي مُنْتَدَبِكُمْ إِلَى صِفِّينَ وَدِينُكُمْ أَمَامَ دُنْيَاكُمْ، فَأَصْبَحْتُمُ الْيَوْمَ وَدُنْيَاكُمْ أَمَامَ دِينِكُمْ.
وَرُوِيَ أَنَّ الْخِنْجَرَ الَّذِي جُرِحَ بِهِ فِي إِلْيَتِهِ كَانَ مسموما، فتوجع منه أشهرا ثُمَّ عُوفِيَ، وَللَّهِ الْحَمْدُ.
وَقَالَ أَبُو رَوْقٍ الهمداني: حدثنا أَبُو الْغَرِيفِ قَالَ: لَمَّا رُدَّ الْحَسَنُ إِلَى الْكُوفَةِ وَبَايَعَ مُعَاوِيَةَ، قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ أَبُو عَامِرٍ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُذِلَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: لَسْتُ بِمُذِلِّ الْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَكُمْ عَلَى الْمُلْكِ.
وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ فِي شَرْطِهِ لِمُعَاوِيَةَ: إِنَّ عَلَيَّ عِدَاتٍ وَدُيُونًا، فَأَطْلَقَ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ نَحْوَ أَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ أَوْ أَكْثَرَ.
وَكَانَ الْحَسَنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَيِّدًا لَا يَرَى الْقِتَالَ، وَقَدْ قَالَ جَدُّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَسَيُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ".
وَقَالَ سكين بن عبد العزيز - بصري ثقة -: حدثنا هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ لَوْ لَمْ تَذْهَلْ نَفْسِي عَنْكُمْ إِلَّا لِثَلَاثٍ لَذَهَلْتُ: لِقَتِلكُمْ أَبِي، وَطَعْنِكُمْ فِي فَخِذِي، وَانْتِهَابِكُمْ ثِقْلِي.
وَلَمَّا دَخَلَ مُعَاوِيَةُ الْكُوفَةَ خَرَجَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي الحوشاء بِالنُخَيْلَةِ فِي جَمْعٍ، فَبَعَثَ لِحَرْبِهِ خَالِدَ بْنَ عرفطة، فقتل ابن أبي الحوشاء.
وفي جمادى الآخرة خَرَجَ بِنَاحِيَةِ الْبَصْرَةِ سَهْمُ بْنُ غَالِبٍ الْهُجَيْمِيُّ وَالْخَطِيمُ الْبَاهِلِيُّ، فَقَتَلَا عُبَادَةَ بْنَ قُرْطٍ اللَّيْثِيَّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَاحِيَةِ الْأَهْوَازِ، فَانْتَدَبَ لِحَرْبِهِمَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عامر بن كريز، فخافا واستأمنا، فأمنهما فقتل طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِهِمَا. -[387]-
وَفِيهَا وَلِيَ عَبْد اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الْبَصْرَةَ، وَوَلِيَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ الْمَدِينَةَ لِمُعَاوِيَةَ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ عُتْبَةُ أَخُو مُعَاوِيَةَ.
وَفِيهَا غَزَا إِفْرِيقِيَّةَ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ الْفِهْرِيُّ.
وَفِيهَا تُوُفِّيَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ الْجُمَحِيُّ، وَحَفْصَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَبِيدٌ الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ، وَفِيهِم خُلْفٌ.

نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت بشار نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 385
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست