responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت بشار نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 1  صفحه : 358
فلما نودي بالفجر تحسس الْقَوْمُ، فَفَزِعَ أَبُو سُفْيَانَ وَقَالَ: يَا عَبَّاسُ، ما يريدون؟ قال: سمعوا النداء بالصلاة، فتيسروا لحضور النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَلَمَّا أَبْصَرَهُمْ أَبُو سُفْيَانَ يَمُرُّونَ إِلَى الصَّلاةِ، وَأَبْصَرَهُمْ يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ إِذَا سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: يَا عَبَّاسُ، مَا يَأْمُرُهُمْ بِشَيْءٍ إِلا فَعَلُوهُ؟! فَقَالَ: لَوْ نَهَاهُمْ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لأَطَاعُوهُ! فَقَالَ: يَا عَبَّاسُ، فَكَلِّمْهُ فِي قَوْمِكَ! هَلْ عِنْدَهُ مِنْ عَفْوٍ عَنْهُمْ؟
فَانْطَلَقَ عَبَّاسٌ بِأَبِي سُفْيَانَ حَتَّى أَدْخَلَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا أَبُو سُفْيَانَ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يا محمد، إني قد استنصرت بإلهي واستنصرت إلهك، فَوَاللَّهِ مَا لَقِيتُكَ مِنْ مَرَّةٍ إِلا ظَهَرْتَ عَلَيَّ. فَلَوْ كَانَ إِلَهِي مُحِقًّا، وَإِلَهُكَ بَاطِلا - ظَهَرْتُ عَلَيْكَ، فَأَشْهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ.
وَقَالَ عَبَّاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَأْذَنَ لي إلى قومك، فأنذرهم مَا نَزَلَ بِهِمْ، وَأَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ! فَأَذِنَ لَهُ. قَالَ: كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ؟ قَالَ: " مَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَشَهِدَ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَكَفَّ يَدَهُ - فَهُوَ آمِنٌ. وَمَنْ جَلَسَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَوَضَعَ سِلاحَهُ - فَهُوَ آمِنٌ. وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ ".
قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبُو سُفْيَانَ ابْنُ عَمِّنَا، فَأُحِبُّ أن يرجع معي، فلو خَصَصْتَهُ بِمَعْرُوفٍ! فَقَالَ: مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ. فَجَعَلَ أَبُو سُفْيَانَ يَسْتَفْهِمُهُ، وَدَارَ أَبِي سُفْيَانَ بِأَعْلَى مَكَّةَ، وَقَالَ: مَنْ دَخَلَ دَارَكَ يَا حَكِيمُ فَهُوَ آمِنٌ. وَدَارُ حَكِيمٍ فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ.
وَحَمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَبَّاسَ عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ الَّتِي أَهْدَاهَا إِلَيْهِ دِحْيةُ الْكَلْبِيُّ، فَانْطَلَقَ الْعَبَّاسُ وَأَبُو سُفْيَانَ قَدْ أَرْدَفَهُ. ثُمَّ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِثْرِهِ، فَقَالَ: أَدْرِكُوا الْعَبَّاسَ فَرُدُّوهُ عَلَيَّ، وَحَدَّثَهُمْ بِالَّذِي خَافَ عَلَيْهِ. فَأَدْرَكَهُ الرَّسُولُ، فَكَرِهَ عَبَّاسٌ الرُّجُوعَ، وَقَالَ: أَتَرْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَرْجِعَ أَبُو سُفْيَانَ رَاغِبًا فِي قِلَّةِ النَّاسِ، فَيَكْفُرَ بَعْدَ إِسْلامِهِ؟ فَقَالَ: احْبِسْهُ! فَحَبَسَهُ.
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: غَدْرًا يَا بَنِي هَاشِمٍ؟ فَقَالَ عَبَّاسٌ: إِنَّا لسنا بغدر، ولكن لي إِلَيْكَ بَعْضُ الْحَاجَةِ. فَقَالَ: وَمَا هِيَ، فَأَقْضِيهَا لَكَ؟ قَالَ: إِنَّمَا نَفَاذُهَا حِينَ يَقْدَمُ عَلَيْكَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ. فَوَقَفَ عَبَّاسٌ بِالْمَضِيقِ دُونَ الأَرَاكِ، وَقَدْ وَعَى مِنْهُ أَبُو سُفْيَانَ حَدِيثَهُ.

نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت بشار نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 1  صفحه : 358
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست