responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي نویسنده : طاهر سليمان حمودة    جلد : 1  صفحه : 141
الأولياء وأصحاب المناقب العالية، ولست هنا بصدد مناقشة هذه النقول، ولكن مهما كان أمر صحتها أو كذبها أو المبالغة فيها فإنها تدل على ما عرف به الرجل في عصره من ورع وتقوى. وهناك نقول وروايات لا تصل إلى حد الخوارق شأن الروايات الأولى، تؤيد ما قلناه من تقواه وزهده، ونحن نرى هذه الأوصاف منطبقة تماما على السيوطي لا سيما في السنوات العشر الأخيرة من عمره بعد أن اتجه إلى الزهد والتجرد ثمّ انقطع بعد ذلك تماما في بيته واعتكف وكان لا يقبل هدايا الأمراء والسلاطين ويتعفف عنها قانعا بما قسم له من رزق قليل، ثم عزوفه عن الوظائف ومظاهر الدنيا واغلاقه نوافذ بيته واتجاهه إلى الله.
وقد أجمل الشعراني صفات شيخه بقوله: أنه كان «مجبولا على الخصال الحميدة من صفاء الباطن وسلامة السريرة، وحسن الاعتقاد، زاهدا ورعا مجتهدا في العلم والعمل، لا يتردد إلى أحد من الأمراء والملوك ولا إلى غيرهم مدة حياته رضي الله عنه وكان يظهر كل ما أنعم الله به عليه من العلوم والأخلاق» [1].
كان هذا السلوك سلوك التصوف العملي الحقيقي الذي لا نستطيع إنكاره، ولا نقول إنه كان يقصد به دنيا يصيبها، بل كان عملا مخلصا يبتغي به وجه خالقه، ومن كان هذا مسلكه فأحر به أن يكون خليقا بالاضطلاع بالمسئولية الجسيمة التي تحملها بوصفه عالما مجتهدا يعرف للكلمة حقها ويؤديها على وجهها لا يخاف لومة لائم لأنه لا ينتظر ثوابا ولا يخشى عقابا إلا من قبل الله تعالى.
وقد كان السيوطي يحاول جاهدا أن يؤدي ما عليه من واجب علمي تجاه مجتمعه، فهو ينقطع للتأليف في خلوته ولا يكل من كتابة الأجوبة على المسائل العديدة التي ترد إليه ثم هو يعرف قيمة الفتوى بحيث لو جيء إليه على حد تعبيره بفتوى وهو مشرف على الغرق لأخذها ليكتب عليها، وقد قال ذلك بعد أن عاود الافتاء بعد ترك عزلته القصيرة التي سبقت الاشارة إليها.

[1] الشعراني: ذيل الطبقات الكبرى ورقة 3 ص 5.
نام کتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي نویسنده : طاهر سليمان حمودة    جلد : 1  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست