خلقه وشخصيته:
نريد بالخلق ما هو أعم من المعنى الذي نستعمل فيه هذه اللفظة اليوم، فنتناول فيه سلوكه مع أهله ومع الناس من حوله وصلته بمن يشتركون معه في فنون المعرفة التي يجيدها ونستطيع من ثم أن نستوضح معالم شخصيته الاجتماعية والعلمية.
ولا شك أن خلق الفرد تشكله عوامل كثيرة من وراثة عن أسرته التي عاش بينها واكتسب منها بعض الصفات أو الاتجاهات التي تحدد مسلكه في الحياة ثم من المجتمع بمعناه العام الذي ترتبط حياته به، وبه تتحقق مصالحه، ثم من تدينه وطريقته في ممارسة الدين تسمحا أو تشددا وتحرجا، وهذه الأشياء تكشف لنا عن أهم جوانب شخصيته [2].
ونرى أن فيما قدمنا من الحديث عن جوانب حياته المختلفة ما يمكننا من استيضاح معالم شخصيته ويعرفنا بخلقه فضلا عن عديد من الروايات والنقول التي لم نوردها من قبل اكتفاء بغيرها عنها أو ادخارا لها لمواضع أخر، أو تخففا من الاطالة.
وأول هذه الصفات التي نستشفها مما خلف السيوطي من آثار هي الصراحة في الحديث عن نفسه، تلك الصفة التي تدل على صفاء نفسي وروحي، ومن هنا فقد كان يتحدث في رسائله عن نفسه بقلب مفتوح ووضوح بالغ، ومن لا يعرف هذه الصفة عنه يخيل إليه أن الرجل صاحب دعاوى عريضة أو يصف نفسه بما ليس فيها من صفات حسنة، والحقيقة أن السيوطي حين الحديث عن نفسه كان يعلله دائما بأنه تحدث بما أنعم الله به عليه لا فخرا وهنا يتضح لمنصفه صفة التواضع عنده بينما ينظر أعداؤه إلى ذلك على أنه ادعاء وتعال وزهو ممقوت، فبعد أن يعدد ما أتقنه من العوم وما استكمله من آلات الاجتهاد [1] نفس المصدر ج 1 ص 339. [2] د. سيد خليل: الليث بن سعد ص 86.
نام کتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي نویسنده : طاهر سليمان حمودة جلد : 1 صفحه : 138