وأما كتبه في الفقه فإنه عمد إلى مذهب مالك والشافعي، فتقلّد أكثر ذلك وأتى بشواهده، وجمعه من حديثه ورواياته، واحتج فيها باللغة والنحو فحسّنها بذلك.
وله في القراءات كتاب جيّد، ليس لأحد من الكوفيين قبله مثله.
وكتابه في «الأموال» من أحسن ما صنّف في الفقه وأجوده.
وقال أبو بكر بن الأنباري: كان أبو عبيد يقسم الليل أثلاثا، فيصلي ثلثه، وينام ثلثه، ويضع الكتب ثلثه.
وقال أبو عبيد: ما دققت على محدث بابه قط، وفي رواية: ما أتيت عالما قط فاستأذنت عليه، ولكن صبرت حتى يخرج إليّ وتأولت قول الله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ [1].
وقال: من شكر العلم، أن تقعد مع كل قوم، فيذكرون شيئا لا تحسنه فتتعلم منهم، ثم تقعد بعد ذلك في موضع آخر، فيذكرون ذلك الشيء الذي تعلمته فتقول: والله ما كان عندي شيء، حتى سمعت فلانا يقول كذا وكذا فتعلمته، فإذا فعلت ذلك، فقد شكرت العلم.
وقال: المتبع للسنة كالقابض على الجمر، وهو اليوم عندي أفضل من ضرب السيف في سبيل الله.
وقال عاشرت الناس، وكلمت أهل الكلام، فما رأيت قوما أوسخ وسخا، ولا أقذر ولا أضعف حجة ولا أحمق من الرافضة: ولقد وليت الثغر، فلقيت ثلاثة رجال: جهميين، ورافضي- وقلت: مثلكم لا يساكن أهل الثغر، وأخرجتهم. [1] سورة الحجرات 5.