وروى سعيد بن أبي مريم عن أشهب بن عبد العزيز قال: رأيت أبا حنيفة بين يدي مالك كالصبي بين يدي أمّه [1]، فهذا يدل على حسن أدب أبي حنيفة وتواضعه مع كونه أسنّ من مالك بثلاث عشرة سنة.
إسماعيل القاضي، حدثنا أبو منصور، سمعت مالكا يقول: دخلت على أبي جعفر أمير المؤمنين وهو على فراشه، وإذا صبي يخرج ثم يرجع، فقال لي:
أتدري من هذا؟ فقلت: لا، قال: ابني وإنما يفزع من هيبنا، قال: ثم ساءلني عن أشياء منها حلال ومنها حرام، ثم قال لي: والله أنت أعقل الناس وأعلم الناس، قلت لا والله يا
أمير المؤمنين. قال: بلى ولكنك تكتم، لئن بقيت لأكتبنّ قولك كما تكتب المصاحف، ولأبعثنّ به إلى الآفاق فأحملهم عليه.
ابن وهب. قال مالك: سمعت من ابن شهاب أحاديث كثيرة، ما حدثت بها قط، ولا أحدّث بها.
نصر بن علي الجهضمي. حدثني حسين بن عروة قال: قدم المهدي فبعث إلى مالك بألفي دينار أو قال بثلاثة آلاف دينار، ثم أتاه الربيع فقال: إن أمير المؤمنين يحبّ أن تعاد له إلى مدينة السلام: فقال مالك: قال النبي صلّى الله عليه وسلم: (المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون) والمال عندي على حاله.
قال ابن سعد: حدثني محمد بن عمر قال: كان مالك يأتي المسجد يشهد الصلوات والجنائز، ويعود المرضى، ويقضي الحقوق؛ ويجلس في المسجد. ثم ترك الجلوس فيه فكان يصلي وينصرف، وترك شهود الجنائز [1] هذه الحكاية خطأ، فان أبا حنيفة توفي وأشهب صبي له نحو خمس سنين، فان صح السند فلعل الصواب «رأيت محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة». (هامش تذكرة الحفاظ 1/ 209).