مدينة فاس، وكان لهم استمرار بالقيروان، لا أدري قبل حلولهم الأندلس أو بعد ذلك، وانتقل عمرون إلى سبته بعد سكنى فاس.
كان القاضي أبو الفضل إمام وقته في الحديث وعلومه، عالما بالتفسير وجميع علومه، فقيها أصوليا، عالما بالنحو واللغة، وكلام العرب، وأيامهم وأنسابهم، بصيرا بالأحكام، عاقدا للشروط، حافظا لمذهب مالك، شاعرا مجيدا، ريانا من علم الأدب، خطيبا بليغا، صبورا حليما، جميل العشرة، جوادا، سمحا، كثير الصدقة، دءوبا على العمل،
صلبا في الحق.
رحل إلى الأندلس سنة سبع وخمسمائة طالبا للعلم، فأخذ بقرطبة عن القاضي أبي عبد الله محمد بن علي بن حمدين، وأبي الحسين بن سراج، وعن أبي محمد بن عتاب، وغيرهم.
وعني بلقاء الشيوخ والأخذ عنهم، وأخذ عن أبي عبد الله المازري، كتب إليه يجيزه، وأجازه الشيخ أبو بكر الطرطوشي، ومن شيوخه القاضي أبو الوليد بن رشد.
قال صاحب «الصلة» البشكوالية: واظنه سمع من ابن رشد، وقد اجتمع له من الشيوخ بين من سمع منه وبين من أجازه مائة شيخ، وذكر ولده محمد منهم: أحمد بن بقي، وأحمد بن محمد بن مكحول، وأبو الطاهر أحمد ابن محمد السّلفيّ، والحسن بن محمد بن سكّرة، والقاضي أبو بكر بن العربي، والحسن بن علي بن طريف، وخلف بن إبراهيم بن النحاس، ومحمد بن أحمد ابن الحاج القرطبي، وعبد الله بن محمد الخشبي، وعبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي، وعبد الرحمن بن بقي مخلد، وعبد الرحمن بن محمد بن العجوز، وغيرهم يطول ذكرهم.
قال صاحب «الصلة»: وجمع من الحديث كثيرا، وله عناية كبيرة به، واهتمام بجمعه وتقييده، وهو من أهل التفنن في العلم، واليقظة والفهم.