وهذه والله صفة كتب الجاحظ كلها، فسبحان من أضله على علم.
قال المسعودي: «توفي سنة خمس وخمسين [ومائتين] [1] وقيل: سنة ست وخمسين، مات الجاحظ بالبصرة ولا يعلم أحد من الرواة وأهل العلم أكثر كتبا منه، وحكى يموت بن المزرّع عن الجاحظ- وكان خاله- أنه دخل عليه أناس وهو عليل فسألوه عن حاله، فقال:
عليل من مكانين ... من الإفلاس، والدّين
ثم قال: أنا في علل متناقضة يتخوف من بعضها التلف، وأعظمها عليّ نيف وتسعون، يعني عمره» [2].
وقال أبو العيناء قال الجاحظ: كان الأصمعي مانويا [3] [فقال له العباس بن رستم: لا والله [4]] ولكن نذكر حين جلست إليه تسأله، فجعل يأخذ نعله بيده وهي مخصوفة بحديد ويقول: نعم قناع القدريّ، نعم قناع القدري، فعلمت أنه يعنيك فقمت وتركته.
وروى الجاحظ عن حجاج الأعور، وأبي يوسف القاضي، وخلق كثير، وروايته عنهم في أثناء «كتابه في الحيوان» وحكى ابن خزيمة: أنه دخل عليه هو وإبراهيم بن محمود، وذكر قصة.
وحكى الخطيب بسند له: أنه كان لا يصلي. وقال الصولي: مات سنة خمسين ومائتين. [1] تكملة عن: مروج الذهب للمسعودي. [2] مروج الذهب 4/ 195. [3] في الأصل: «منانيا» تحريف، صوابه في: معجم الأدباء.
والمانوية: أصحاب ماني بن فاتك الحكيم الذي ظهر في زمان سابور بن أردشير، وقتله بهرام بن هرمز، وذلك بعد عيسى ابن مريم عليه السلام، وكانوا يزعمون أنه ليس في الظلمة خير كما لا يكون في النور شر (الملل والنحل للشهرستاني). [4] تكملة عن معجم الأدباء لياقوت.