نام کتاب : التفسير القيم نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 619
به إليه- فلا يتضمن تنزيهه في ذاته وصفاته وأفعاله عن الشر. بخلاف لفظ المعصوم الصادق المصدق. فإنه يتضمن تنزيهه في ذاته تبارك وتعالى عن نسبة الشر إليه بوجه ما، لا في صفاته، ولا في أفعاله، ولا في أسمائه.
وإن دخل في مخلوقاته كقوله: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ. مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ.
وتأمل طريقة القرآن في إضافة الشر تارة إلى سببه ومن قام به. كقوله:
2: 254 وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ وقوله: 5: 111 وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ وقوله: 4: 160 فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا وقوله:
6: 146 ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وقوله: 43: 76 وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ وهو في القرآن أكثر من أن يذكر هاهنا عشر معشاره. وإنما المقصود التمثيل.
وتارة بحذف فاعله. كقوله تعالى حكاية عن مؤمني الجن 72: 10 وَأَنَّا لا نَدْرِي: أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ. أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً؟ فحذفوا فاعل الشر ومريده، وصرحوا بمريد الرشد.
ونظيره في الفاتحة: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فذكر النعمة مضافة إليه سبحانه، والضلال منسوبا إلى من قام به، والغضب محذوفا فاعله.
ومثله قول الخضر في السفينة 18: 79 فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وفي الغلامين 18: 82 فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما، وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ومثله قوله: 49: 7 وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ فنسب هذا التزيين المحبوب إليه. وقال: 3: 14 زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ فحذف الفاعل المزين. ومثله قول الخليل صلّى الله عليه وسلّم: 26: 78- 82 الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ. وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ. وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ. وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ. وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ
نام کتاب : التفسير القيم نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 619