وأيضًا الاستشهاد بما أخرجه أبو داود وصحّحه والترمذي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من قُتل دون دينه فهو شهيدٌ، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد)).
الحالة الثانية -التي يُسمح للمسلمين فيها بالقتال-:
حالة الدفاع عن الدين، عن الدعوة إلى الله تعالى، فمتى وُجِدَ من يحول بين الناس والدخول في الإسلام، أو قام بتعذيب من اعتنق الإسلام، أو وقف في طريق الدعوة بأنْ مَنَع الداعية من الدعوة، وما شابه ذلك، ففي هذه الحالة شرّع الله الدفاع عن الدعوة، وذلك في قول الله -تبارك وتعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} (البقرة: 190: 193)
من هنا يتبين أنّ الحروب التي خاضها المسلمون مع أعداء الإسلام كانت كلها دفاعًا، ليس فيها شيء من العدوان كما يصوّر أعداء الدين الإسلامَ في غير صورته الحقيقية، بأنه شقّ طريقه بالقسوة، ولم ينتشر إلّا بالسيف، وأنه استقر في البلاد المفتوحة بالإجبار على الناس. ولا يذكر في القرآن الكريم لفظ القتال أو الجهاد إلّا وهو مقرون بعبارة: في سبيل الله، وذلك يدل على أنّ الغاية من القتال غاية مقدسة نبيلة، هي إعلاء كلمة الله، لا للسيطرة أو المغنم، أو إظهار الشجاعة أو الاستعلاء في الأرض.
القتال في الإسلام وسيلة لدفع العدوان:
عندما نقلّب صفحات التاريخ، فإنه يتأكد لنا أنّ جميع حروب المسلمين عبارة عن الدفاع لا غير، أو بعبارة أوضح: يمكن القول بأن المسلمين كانوا مضّطرين إلى الحرب.